للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لحديث: «هل هو إلا بضعة منك»، وإذا كان بضعة منه فلا فرق بين أن يمسه بيده اليمنى أو اليسرى؛ لأنه دل على الجواز في كل حال، وخرجت حالة البول بهذا الحديث الصحيح حديث أبي قتادة، وبقي ما عداها على الإباحة.

القول الثاني: أن النهي عام، وأنه يكره أن يمس ذكره بيمينه مطلقاً في حال البول وغيره، واستدلوا بحديث أبي قتادة هذا، فإن لفظه في إحدى روايات مسلم: (نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يتنفس في الإناء، وأن يمس ذكره بيمينه .. )، فهذا مطلق لم يقيد بحالة البول. قالوا: وفي تقييده بحال البول تنبيه على الإطلاق وأولى، فإنه إذا نُهي عن المس باليمين حال البول مع أن ذلك مظنة الحاجة فغير ذلك من الحالات أولى.

والظاهر حمل المطلق على المقيد لأنه حديث واحد اختلف عليه الرواة، فينبغي حمل المطلق على المقيد، ويكون القيد زيادة من عدل، وهي مقبولة عند أهل العلم، كما ذكر ذلك ابن دقيق العيد (١)، وقال صاحب «المنهل العذب المورود»: (والحق أن هذا من ذكر بعض أفراد العام، لا من المطلق والمقيد؛ لأن الأفعال في حكم النكرات؛ والنكرة في سياق النفي تعم) (٢)، وعلى هذا فذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يفيد التخصيص، كما هو معلوم في «الأصول».

وما دام أن الحديث ورد بالإطلاق والتقييد فالأحوط ألا يمس ذكره بيمينه إلا لعذر كأن تكون اليسرى مشلولة، أو فيها جرح، ونحو ذلك.

الوجه الخامس: الحديث دليل على النهي عن الاستنجاء باليمين من البول والغائط، سواء بالأحجار أم بالماء، والخلاف فيه - كما تقدم - فالجمهور على أنه نهي تنزيه وأدب لا نهي تحريم، وذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه حرام، وبه قال بعض الشافعية، كصاحب «المهذب»، فإنه قال: (ولا يجوز أن يستنجي بيمينه)، لكن صرفها النووي - في شرحه ـ (٣) عن ظاهرها


(١) "شرح العمدة" (١/ ٢٥٨).
(٢) (١/ ١٢١).
(٣) "المجموع" (٢/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>