للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لما ورد في بعض طرق القصة: (لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة أتاه اليهود)، وكان إذ ذاك مأمورًا باتباع حكم التوراة، ثم نُسخ ذلك بالحد المعروف.

والراجح القول الأول، لقوة دليله، وضعف دليل المخالف، فإن الحديث نص صريح في أن الإسلام ليس شرطًا في الإحصان.

وأما دليلهم وهو حديث ابن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، فقد روي مرفوعًا، وروي موقوفًا، قال الدَّارَقُطني: (والصحيح موقوفًا) (١)، ولو صح رفعه فقد تعين حمله على إحصان القذف، جمع أبينه وبين قصة اليهوديين؛ لأن الراوي واحد، فلا يخالف النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عنه (٢)، وعليه فلا يجب حد القذف على من قذف مشركًا.

وأما جوابهم عن حديث الباب بأنه أول قدومه المدينة فهي دعوى تحتاج إلى تحقيق التاريخ، وكون النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك عند مقدمه المدينة لا يقتضي الفورية، ولا ينافي ثبوت شرعية حكم الرجم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - سألهم عن حكم التوراة في الرجم ليقيم عليهم الحجة من كتابهم الذي أنكروا أن يكون الرجم فيه، وليبين لهم أن كتب الله تعالى متفقة على هذا الحكم، وهو مأمور من ربه بأن يحكم عليهم بشرعه، قال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَينَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩]، وهذا دليل قطعي بأنه مأمور بالحكم بما في شريعته.

• الوجه السادس: في الحديث دليل على أن أنكحة الكفار صحيحة، ولولا صحة أنكحتهم ما ثبت إحصانهم.

• الوجه السابع: في الحديث دليل على أن الكفار مخاطبون بالأوامر والنواهي على أرجح الأقوال في هذه المسألة، وهو مبني على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حكم عليهم بشرعه؛ لا بما في التوراة، وهو الظاهر، كما تقدم. والله تعالى أعلم.


(١) "العلل" (١٣/ ٧٥)، "السنن" (٣/ ١٤٧).
(٢) انظر: "معرفة السنن" (١٢/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>