للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أُبي ابن سلول) (١). لكن هل هذا خاص به أو معه غيره؟ فيه كلام للمفسرين.

وأما حده ففيه خلاف بين أهل العلم، فقال القرطبي وابن القيم (٢): إنه لم يُحَدَّ، وذكر ابن القيم أعذارًا، منها: أن الحد كفارة وابن أبي ليس أهلًا لذلك، وقيل: إن الحد لا يثبت إلَّا ببينة أو إقرار، وهو لم يثبت عليه شيء من ذلك، وقيل: ترك حده للمصلحة، وهي تأليف قومه؛ لأنه كان سيدًا مطاعًا، وقيل: لذلك كله.

وكل هذه أعذار ضعيفة، ما عدا الثاني؛ لأن الظاهر أن ابن سلول لم يصرح بشيء، بل كان لدهائه ونفاقه يثير الفرية ويترك غيره يخوض فيها، وقد توارى خلفها يشعل نيرانها دون أن يثبت عليه شيء يُدان به، وقد جاء في "الصحيح" الإشارة إلى هذا.

وقيل: إنه أقيم عليه الحد مع من حُدَّ من الصحابة، ذكر هذا القرطبي، وأشار إليه ابن حجر رحمه الله، ومستند هذا القائل روايات لا تخلو من مقال (٣). والأقرب أنَّه لم يحد، فإنه لو حُدَّ لنقل واشتهر.

• الوجه الخامس: يرى الماوردي أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يجلد أحدًا من القذفة لعائشة -رضي الله عنها-، وعلل ذلك بأن الحد إنما يثبت ببينة أو إقرار.

وأجاب القائلون بأنهم حدوا بأنه قد يثبت ما يوجب الحد بنص القرآن، وحد القاذف يثبت بعدم ثبوت ما قَذَفَ به، ولا يحتاج في إثباته إلى بينة، صحيح أن القرآن لم يبين أحدًا من القذفة، لكن ورد هذا في تفسير الآيات، فقد جاء في "الصحيحين" ما يدل على أن مسطح بن أثاثة من القذفة، وأنه هو المراد بقوله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ} (٤) [النور: ٢٢]. والله تعالى أعلم.


(١) رواه البخاري (٤١٤١)، ومسلم (٢٧٧٠).
(٢) "زاد المعاد" (٣/ ٢٦٣).
(٣) "فتح الباري" (٨/ ٤٧٩ - ٤٨١).
(٤) "سبل السلام" (٤/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>