للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخذًا من لفظ الآية، والإفك أخص من الكذب؛ لأنه -كما قال أَبو هلال العسكري-: (هو الكذب الفاحش القبيح) (١)، إضافة إلى أنَّه قلب للحقائق وَصرْفٌ لها عن وجهها، وهو إثم كبير، وهذه هي معاني الإفك في اللغة، كما في "اللسان" وغيره.

قوله: (وأمر برجلين) أي: أمر بإحضار رجلين، وهما: حسان بن ثابت، ومِسْطح بن أُثاثة، بكسر الميم وإسكان السين، وبضم الهمزة من أُثاثة.

قوله: (وامرأةٍ) بالجر عطف على ما قبله، وهي حمنة بنت جحش، وقد ورد تسميتهم عند البخاري كما في "المغازي" (٤١٤١) كما ورد النص على جلدهم في الرواية المرسلة عند أبي داود، حيث نُصَّ على الرجلين، أما المرأة فالنص عليها من قول النفيلي شيخ أبي داود.

قوله: (فَضُرِبُوا الحد) أي: حد القذف، وهو ثمانون، وذلك لثبوت كذبهم به.

• الوجه الثالث: في الحديث دليل على ثبوت حد القذف، ووجوب إقامته على القاذف في الجملة، وقد اتفق العلماء على أن القذف الذي يجب فيه الحد هو الرمي بالزنا أو نفي النسب، وقد تقدم ذلك.

ويلحق بحد القذف عقوبة أخرى نص عليها القرآن وهي الحكم بفسق القاذف وعدم قبول شهادته، وعدم تصديقه في أقواله، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)} [النور: ٤]، والإحصان في الآية بمعنى: العفة مع البلوغ والعقل.

• الوجه الرابع: ظاهر الحديث أنَّه لم يثبت القذف لعائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - إلَّا من الثلاثة المذكورين، والأكثرون من المفسرين على أن الذي تولى كبره هو عبد الله بن أبي ابن سلول (٢)، وهذا قد جاء في حديث عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: (وكان


(١) "الفروق في اللغة" ص (٣٧).
(٢) "تفسير ابن كثير" (٦/ ٢٠)، "تفسير القرطبي" (١٢/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>