للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (البيضة) ظاهره أن المراد البيضة المعروفة، ونقل البخاري عن الأعمَش راوي الحديث أنَّها بيضة الحديد، وهي التي تتخذ جنة للرأس، قد تكون قيمتها ربع دينار فصاعدًا.

قوله: (الحبل) ظاهره أن المراد الحبل المعروف، ونقل البخاري عن الأعمَش أنَّه قال: (والحبل كانوا يرون أن منها ما يساوي دراهم)، وذلك كحبل السفينة، لكن رد العلماء هذا التأويل، قال الخطابي: (تأويل الأعمَش هذا غير مطابق لمذهب الحديث ومخرج الكلام فيه، وذلك أنَّه ليس بالسائغ في الكلام أن يقال في مثل ما ورد فيه هذا الحديث من اللوم والتثريب: أخزى الله فلانًا عرض نفسه للتلف في مالٍ له قدر ومزية، وفي عَرَضٍ له قيمة، إنما يضرب المثل في مثله بالشيء الوَتِح (١) الذي لا وزن له ولا قيمة) (٢).

• الوجه الثالث: في الحديث دليل على وجوب قطع يد السارق في الجملة، والقطع يكون لليد اليمنى من مفصل الكف، قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، وقد قرأ ابن مسعود: (فاقطعوا أيمانهما) وهي قراءة شاذة، قال الموفق: (وهذا إن كان قراءة وإلَّا فهو تفسير) (٣)، وكون القطع من مفصل الكف هو قول أبي بكر وعمري؛ ولأن الكف هو أقل ما يطلق عليه اسم اليد، واليد قبل السرقة كانت محترمة، فلما جاء النص بقطعها وكانت تطلق على الكف وما فوقه، وجب الأخذ بالمتيقن وترك ما عداه، قال البخاري: (وقطع علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - من الكف) (٤).

• الوجه الرابع: اختلف العلماء هل يشترط النصاب في السرقة على قولين:

الأول: أنَّه لا يشترط النصاب، بل تقطع اليد في القليل والكثير، وهذا القول عزاه ابن رشد للحسن البصري، وعزاه ابن حزم لطائفة، ولعل المراد


(١) الوتح: بالواو المفتوحة، بعدها ياء مثناة مكسورة أو ساكنة، ثم حاء مهملة، هو: التافه القليل.
(٢) "أعلام الحديث" (٤/ ٢٢٩١).
(٣) "المغني" (١٢/ ٤٤٠).
(٤) "فتح الباري" (١٢/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>