للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بهم الخوارج وبعض المتكلمين، كما ذكر ابن عبد البر (١)، وهو قول الظاهرية، إلَّا أنهم -كما قال ابن حزم- يستثنون الذهب، فلا تقطع اليد في سرقته إلَّا بربع دينار، وأما غيره فيقطع في القليل والكثير باستثناء التافه الذي لا قيمة له أصلًا، ودليلهم أن التحديد في الذهب منصوص، ولم يوجد نص في غيره، فيكون داخلًا في عموم الآية (٢).

واستدلوا بدليلين:

الأول: قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا} فهي عامة في سرقة القليل والكثير.

الثاني: حديث أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: "لعن الله السارق … " ووجه الدلالة: أنَّه رتب القطع على سرقة القليل كالبيضة، فدل على أنَّه ملحق بالكثير.

القول الثاني: أنَّه لا بد في القطع من نصاب محدد يرجع إليه، وهذا قول الجمهور من أهل العلم، مستدلين بأحاديث الباب القولية والفعلية، وهذا هو الراجح لثبوت النصاب بادلة كثيرة صحيحة وصريحة.

وأما الآية فهي عامة جاءت السنة بتخصيصها (٣)، وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فعنه جوابان:

الأول: أن سياقه لا يشعر بأن المراد أن اليد تقطع في القليل كالبيضة والحبل، وإنما المراد المبالغة في التحذير من السرقة، وبيان خسارة السارق وأنه إذا سرق القليل تجرأ على سرقة الكثير، وإنما فسر بذلك ليتمشى مع الأحاديث الدالة على اعتبار النصاب.

الثاني: أن حديث عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - وغيره معارض لهذا الإطلاق، فإنه صريح في الحصر، كما تقدم، وفي رواية أحمد: "ولا تقطعوا فيما هو أقل من ذلك" وهذا مفهوم من منطوق الحصر.


(١) "التمهيد" (٢٤/ ١٦٦).
(٢) "المحلى" (١١/ ٣٥١ - ٣٥٢).
(٣) انظر: "الشرح الممتع" (١٤/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>