للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومما يؤيد مذهب الجمهور أنَّه لا بد في القطع من مقدار يجعل ضابطًا يرجع إليه، وعادة الناس التسامح في الشيء الحقير من أموالهم إذ لا يلحقهم ضرر بفقده، والنصاب المقدر فيه حكمة ظاهرة، فإن ربع الدينار كفاية المقتصد في يومه له ولمن تَكُون غالبًا.

• الوجه الخامس: اختلف القائلون بشرطية النصاب في مقداره على أقوال كثيرة بلغت عشرين، أهمها ثلاثة:

الأول: أن مقدار النصاب ربع دينار من الذهب، أو ثلاثة دراهم من الفضة، أو عرض قيمته ثلاثة دراهم، ولا قطع فيما هو دون ذلك، وهذا مذهب مالك، وأحمد في إحدى الروايتين عنه (١)، واستدلوا بحديث عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - وهو نص في ربع الدينار، وحديث ابن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - نص في ثلاثة الدراهم، وكانت قيمتها ربع دينار في ذلك الوقت، كما تقدم.

وأما العروض فتقوم بالدراهم فما بلغ ثلاثة دراهم قطع دون مراعاة ربع الدينار، لحديث المجن المتقدم، وأما حديث عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - فلم يأخذ به مالك؛ وروى الأثرم عن أحمد أن العروض تقوم بربع دينار أو بثلاثة دراهم، فعلى هذا تقوم العروض بأدنى الأمرين (٢).

والقول الثاني: أن النصاب ربع دينار ذهبًا أو ما قيمته ربع دينار من الفضة والعروض، وهذا قول الشَّافعي، فهو يرى أن الذهب هو الأصل، لحديث عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -؛ فإنه جمل الذهب أصلًا يرجع إليه في النصاب، وقد روى مالك أن عثمان أُتي بسارق سرق أترجة قومت بثلاثة دراهم من حساب الدينار باثني عشر فقطع) (٣).

وروى البيهقي أن عليًّا قطع في ربع دينار كانت قيمته درهمين ونصفًا (٤).


(١) "الاستذكار" (٢٤/ ١٥٥)، "بداية المجتهد" (٤/ ٤٠١)، "المغني" (١٢/ ٤١٨).
(٢) "المغني" (٤١٨/ ١٢).
(٣) "الموطأ" (٢/ ٨٣٢)، وانظر: "شرح الزرقاني" (٤/ ١٥٤).
(٤) "السنن الكبرى" (٨/ ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>