للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التطهير، وليس نوعاً بعينه، وإنما نص الشرع على الأحجار لأنها أيسر وأسهل، وهذا قول الجمهور من أهل العلم.

قالوا: ويدل على عدم تعيين الحجر نهيه صلّى الله عليه وسلّم عن العظام والرجيع فلو كان الحجر متعيناً لنهى عما سواه مطلقاً، فلما خُصّ النهي بالعظام والرجيع دل على أن ما سوى ذلك من المباحات يجوز الاستنجاء به.

والقول الثاني: أنه تتعين الأحجار في الاستنجاء، ونسبه النووي (١) لبعض الظاهرية، أخذاً بظاهر الحديث حيث نص على الأحجار، والأول أرجح؛ لقوة مأخذه.

الوجه الثامن: ذهب الجمهور إلى أن المراد بالأحجار الثلاثة، ثلاث مسحات، قالوا: فلا يلزم ثلاثة أحجار، فلو استنجى بحجر له ثلاثة أحرف فمسح بكل حرف مسحة أجزأه؛ لأن المراد المسحات، والأحجار الثلاثة أفضل من حجر واحد.

والقول الثاني: أنه لا بد من ثلاثة أحجار، أخذاً بظاهر الحديث، وهو قول ابن حزم (٢) ورواية عن أحمد (٣)، والصحيح من المذهب هو الأول.

والأول أظهر؛ لأن العلة معلومة، وهي قصد الإنقاء وتطهير المحل، فإذا كان الحجر له ثلاث شعب غير متداخلة واستجمر بكل جهة منه صح.

الوجه التاسع: الحديث دليل على النهي عن الاستنجاء بالعظم والرجيع، وذلك أن العظم إذا كان من حيوان مذكى فهو طعام الجن، لما ورد في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في قصة ليلة الجن، وفيه: (فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أتاني داعي الجن، فذهبت معه، فقرأت عليهم القران»، قال: فانطلقَ بنا فأرانا اثارهم واثار نيرانهم، وسألوه الزاد، فقال: «لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً، وكل بعرة علف لدوابكم»، فقال


(١) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ١٥٩).
(٢) "المحلى" (١/ ٩٥).
(٣) "الإنصاف" (١/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>