للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مؤذنًا بأن الجحد هو علة القطع، وإهمال هذا الوصف وجعله للتعريف يخرجه عن كونه علة، وبالتالي فلا يستلزم وجوه وجود الحكم، وبذلك يذهب كثير من الأحكام الشرعية المرتبة على الأوصاف.

وقد أجاب أصحاب القول الأول عن أدلة أصحاب القول الثاني بما يلي:

أما الآية فقد قال ابن القيم إن جاحد العارية داخل في اسم السارق، والجحد داخل في اسم السرقة، كما جرى ذلك على لسان الصحابة - رضي الله عنهم - في روايات حديث عائشة هذا (١)، لكن لم يذكر ابن القيم شواهد من لغة العرب على ذلك، ولهذا استبعد الحافظ ابن حجر هذا الجواب (٢)، وحتى لو ثبت أن جاحد العارية لا يسمى سارقًا لكان قطعه ثابتًا بهذا الحديث، ولا يلزم الاستدلال بالآية على ذلك، ثم إن المعنى الموجود في السارق موجود في الجاحد بل الجاحد أعظم؛ لأنه لا يمكن التحرز منه، والمعير محسن متفضل، والجاحد يريد قطع هذا الإحسان والمعروف بين الناس.

وأما حديث "لا قطع على خائن" فهو حديث معلول كما سيأتي، وعلى فرض صحته فهو عام لكل خائن، وحديث المخزومية خاص بجحد العارية، فيقدم الخاص على العام، ويكون القطع فيمن جحد العارية دون غيره من الخونة، كجاحد الوديعة.

هذا ملخص ما حصل بين الفريقين من ردود ومناقشات، والذي يظهر لي أن جاحد العارية لا يقطع، وأن هذه المرأة ما قطعت بسبب جحد العارية بل بسبب السرقة، وذلك لأمور:

١ - اتفاق الشيخين على ذكر السرقة.

٢ - ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - السرقة.

٣ - أن رواية الجحد يمكن تأويلها كما تقدم.

٤ - أن جاحد العارية ليس بسارق ولا يقطع إلا السارق. والله تعالى أعلم.


(١) "تهذيب مختصر السنن" (٦/ ٢١١).
(٢) "فتح الباري" (١٢/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>