للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - حديث جابر - رضي الله عنه - الآتي بعد هذا "لا قطع على خائن … ".

ووجه الدلالة: أن جاحد العارية خائن فلا قطع عليه.

وقد أجاب الجمهور عن الاستدلال بحديث الباب بجوابين:

الأول: أن معمر بن راشد تفرد من بين سائر الرواة بذكر العارية في الحديث، وأن الليث بن سعد ويونس بن يزيد وأيوب بن موسى رووه عن الزهري وقالوا: سرقت، ومعمر لا يقاوم هؤلاء، ومؤدى هذا الجواب ترجيح رواية سرقت، قال البيهقي: (وأما رواية معمر عن الزهري فهي منفردة، والعدد أولى بالحفظ من الواحد) (١).

الجواب الثاني: سلمنا بثبوت لفظ جحد العارية، لكنه ليس هو سبب القطع، بل سبب القطع هو السرقة، وذكر العارية للتعريف بالمرأة وأن الاستعارة صارت خلقًا لها فعرفت المرأة به، ومؤدى هذا الجواب الجمع بين الروايتين بهذا التأويل. ويؤيد هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت … "، ثم أمر بيد المرأة فقطعت، فهذا يدل على أن المرأة قطعت في السرقة وإلا لكان ذكر السرقة لاغيًا لا فائدة فيه (٢).

وَرُدَّ هذان الجوابان بما يلي:

أولًا: قولهم بتفرد معمر بذكر العارية غير صحيح، بل قد رواه بلفظ العارية جمع من الرواة، ومن بينهم أيوب بن موسى أحد رواته عن الزهري بلفظ: (سرقت) وكذا رواه يونس بن يزيد -في أحد الوجهين عنه (٣) -، وشعيب بن أبي حمزة، كما عند النسائي.

ثانيًا: وأما قولهم إن القطع بسبب السرقة لا بسبب الجحد فهو جواب ضعيف لا يخفى تكلفه، فإن من القواعد الأصولية: ترتيب الحكم على الوصف يؤذن بعلية ذلك الوصف، فيكون ترتيب القطع على جحد العارية


(١) انظر: "السنن الكبرى" (٨/ ٢٨١)، "شرح صحيح مسلم" للنووي (١١/ ٢٠٠).
(٢) "معالم السنن" (٦/ ٢٢٩)، "المفهم" (٥/ ٧٧).
(٣) انظر: "السنن الصغير" للبيهقي (٣/ ٣١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>