للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إقراره، لا سيما في هذه الحالة التي يترتب عليها قطع عضو عزيز عليه.

وهذا القول هو الراجح، لقوة مأخذه، وأما حديث الباب فلا حجة فيه على اشتراط التكرار؛ لأنه حديث ضعيف؛ ولأنه خرج مخرج الاستثبات وتلقين ما يسقط الحد؛ ولأن الراوي تردد هل أقر مرتين أو ثلاثًا، وكان طريق الاحتياط لهم أن يشترطوا الإقرار ثلاثًا ولم يقولوا به. وأما القياس فهو مع وجود الفارق، ذلك أن القياس على الشهادة غير صحيح؛ لأن اعتبار العدد في الشهادة إنما هو لتقليل التهمة، ولا تهمة في الإقرار.

° الوجه الخامس: يستدل الفقهاء بهذا الحديث على أنه ينبغي تلقين المقر بالسرقة الإنكارَ والرجوعَ عن إقراره، وذلك إذا جاء معترفًا تائبًا نادمًا، ومثل هذا حصل لماعز - رضي الله عنه - كما تقدم، وقد جاء عن الصحابة - رضي الله عنه - عدة روايات في تلقين المقر (١)، فإذا رجع عن إقراره فإنه يدرأ عنه الحد.

وهذا في السارق المقر، أما من ثبتت عليه السرقة بالبينة فلا اعتبار لرجوعه.

وإذا أقر السارق بالسرقة أمام الحاكم ثم رجع عن إقراره فإنه يلزمه غرامة المال الذي أقر به؛ لأنه حق آدمي.

° الوجه السادس: جاء في هذا الحديث أمر المحدود بالسرقة بالاستغفار والدعاء له بالتوبة بعد استغفاره، وقد استدل بهذا الحديث من قال إن الحد ليس بكفارة، لقوله: "استغفر الله وتب إليه" بعد قطع يده، والكفارة هي التوبة.

والجمهور على أن الحد كفارة، لقوله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذكر شيء من الجرائم الحدية: "ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له" (٢).

قال السندي: (لا دليل في الحديث لمن قال: الحدود ليست كفارات


(١) انظر: "مصنف عبد الرزاق" (١٠/ ٢٢٤)، "مصنف ابن أبي شيبة" (١٠/ ٢٥).
(٢) تقدم تخريجه أول الحدود.

<<  <  ج: ص:  >  >>