للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن محمد بن ثوبان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، فهذا يدل على أن إرساله هو الصواب وأن الدراوردي قد أخطأ في وصله.

° الوجه الثاني: استدل الفقهاء بهذا الحديث على أنه ينبغي حسم اليد بعد القطع حتى يتوقف سيلان الدم، إما بالكي كما قال علماء اللغة في تفسير الحسم (١)، فيكوى محل القطع لينقطع الدم، أو بغير ذلك من الوسائل الطبية الحديثة؛ لأنه لو استمر نزيف الدم لهلك، والحد لا يراد به إهلاكه وإنما يراد به تطهيره وتأديبه وتأديب غيره.

وظاهر الحديث أن الحسم واجب؛ لأنه أمر، ولا صارف له عن معناه الحقيقي، لا سيما وأن تركه يؤدي إلى التلف (٢)، وقد ورد ما يدل على تعليق يد السارق في عنقه، واستحب الفقهاء ذلك (٣)، ولكن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة، وقد رواه النسائي وضعفه (٤)، والحنفية يرون أن مرجع ذلك لولي الأمر يختار ما يراه مناسبًا للردع (٥).

° الوجه الثالث: استدل العلماء المعاصرون ومنهم هيئة كبار العلماء ومجلس المجمع الفقهي في المملكة العربية السعودية بهذا الحديث على أنه لا يجوز إعادة ما قطع من الأعضاء بحد أو قصاص.

ووجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بحسم يد السارق، والحسم مانع من إعادتها؛ لأن إعادة العضو المقطوع تتطلب الفورية في عرف الطب الحديث، وهذا يكون بتواطؤ وإعداد طبي خاص ينبئ عن التهاون في جدّية إقامة الحد وفاعليته.

والقرآن يؤيد هذا القول، فإن الله تعالى قال: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} والجزاء لا يتم إلا بالقطع، والنكال لا يتم إلا برؤية اليد المقطوعة ليحصل الردع والزجر، وإعادتها مفوت لذلك؛


(١) "غريب الحديث" (٢/ ٩٥).
(٢) "نيل الأوطار" (٧/ ١٥٢).
(٣) "المغني" (١٢/ ٤٤٢).
(٤) "السنن" (٨/ ٩٢).
(٥) "مكافحة جريمة السرقة" ص (٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>