للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بذلك مضيعًا، فإذا كَسَرَ إنسان قفلها أو زجاجها وأخذها أو أخذ شيئًا بداخلها، أو سرق شيئًا من آلاتها المشدودة فيها قطعت يده إذا بلغ المسروق نصابًا، وتحققت بقية شروط القطع.

فإن كانت غير مقفلة فأخذها أو أخذ شيئًا مما في داخلها لم يُعَدَّ سارقًا؛ لعدم الإحراز؛ وكذا لو كانت مقفلة وبداخلها نقود فأخذت فلا قطع؛ لأن السيارة ليست حرزًا للنقود، وصاحبها يعد مضيعًا (١).

وهذه المسألة هي من مسائل الاجتهاد؛ لعدم وجود نصٍ فيها؛ ولأن الفقهاء لم يتكلموا عنها؛ لعدم وجودها في زمانهم؛ وإنما يستفاد حكمها إما من قياسها على سرقة الدَّواب التي فصَّل فيها الفقهاء (٢)، وإما من القول بأنها محرزة، لكون المرجع في الحرز إلى العرف والعادة، وعلى هذا فالمرجع في هذه المسألة إلى القاضي، وتبقى مهمته في تحقيق المناط، وهو هل مسألة سرقة السيارات داخلة فيما ذكر أم لا؟ والله تعالى أعلم.

° الوجه الثالث: في الحديث دليل على ثبوت القطع ووجوب تنفيذه على السارق وأن المسروق منه لا يملك العفو عنها إذا بلغت الإمام، فإن صفوان جاء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عافيًا عن سارقه، ملتمسًا تحويل القضية من سرقة إلى بيع، ومع ذلك رد الرسول - صلى الله عليه وسلم - شفاعته، فدل على عدم جواز العفو عن عقوبة السرقة متى بلغت الإمام، سواء كان العفو من السارق أو من غيره.

وقد دل على أن القطع يسقط بالعفو قبل الرفع إلى الإمام، وهو مجمع عليه (٣)، لكن ينبغي النظر إلى حال السارق، وهل هو يستحق العفو أو لا؟ (٤) وقد جاء في بعض الروايات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع يد سارق رداء صفوان (٥). والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "مكافحة جريمة السرقة في الإسلام" ص (٧٢).
(٢) انظر: "تفسير القرطبي" (٦/ ١٦٩)، "المغني" (١٢/ ٤٢٨).
(٣) "نيل الأوطار" (٧/ ١٤٦).
(٤) انظر: ص (٤٦٤) من هذا الجزء.
(٥) رواه أحمد (١٤/ ١٨)، والنسائي (٨/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>