للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث، ولهذا لم يعزه المزي إلى الترمذي (١)، وكذا ابن عبد الهادي، والحافظ نفسه عزاه للثلاثة فقط في "الفتح" (٢).

وقوله: إن الحاكم صحح الحديث، فيه نظر، فإن الحاكم سكت عنه، وكذا الذهبي، وإنما صحح الحاكم حديث ابن عباس المذكور.

° الوجه الثاني: الحديث دليل لمن قال باشتراط الحرز في قطع السارق؛ لأن صفوان - رضي الله عنه - أحرز رداءه بوضعه تحت رأسه، ومن استدل به على عدم اشتراط الحرز فهو استدلال ضعيف؛ لعل وجهه أن المسجد ليس بحرز، لكن صفوان لم يجعله بجانبه، وإنما جعله تحت رأسه، وهذا إحراز له.

وهذا يدل على أن الإنسان حرز لثيابه ومتاعه ولفراشه الذي هو نائم عليه في أي مكان كان، سواء في المسجد أو في غيره كالصحراء، أما إذا نام ووضعه بجانبه من غير أن يتوسده فليس بحرز.

وبهذا يتبين أن الحرز كما يكون بالمكان والغَلَقِ، يكون بالحافظ والملاحظ، فيقطع السارق فيما كان مالكه حافظًا له وإن لم يكن مغلقًا عليه في مكان.

ومما له صلة بموضوع الحرز مسألة سرقة السيارات، فإن وجهات النظر قد تختلف في صفة حرزها، فلقائل أن يقول: إن حرز السيارة إيقافها داخل المنزل، فإذا سرقت خارجه فلا قطع؛ لأنها غير محرزة (٣)، لكنه يعزر تعزيرًا بليغًا يردعه وأمثاله، على قاعدة سرقة ما لا قطع فيه.

ولقائل أن يقول: إن إيقاف السيارة أمام المنزل مقفلة يعتبر حرزًا لها، ولما فيها من آلات مشدودة فيها أو أمتعة بداخلها، وأن الناس لا يسعهم إلا هذا؛ لأن إلزامهم بإحراز سياراتهم داخل منازلهم فيه من المشقة والحرج ما لا تأتي الشريعة بمثله، فمن أوقفها أمام بابه وأغلقها فقد أحرزها، ولا يعد


(١) "تحفة الأشراف" (٤/ ١٨٧).
(٢) (١٢/ ٨٨).
(٣) انظر: "فتاوى ابن إبراهيم" (١٢/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>