للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث جابر - رضي الله عنه - أن السارق قتل في الخامسة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي حديث الحارث أنه قتل في خلافة أبي بكر - رضي الله عنه -، كما تقدم.

وهذا أحد المسالك التي ذكرها أهل العلم في الجواب عن هذين الحديثين، وهو نفي صحة هذا الحديث؛ لما تقدم من نكارته واضطراب متنه، ومثل هذا لا تقوم به حجة.

وحكي عن الإمام الشافعي أن هذا الحديث منسوخ، حكاه عنه البيهقي في "سننه" (٨/ ٢٧٥) وذكر أن ناسخه هو حديث معاوية - رضي الله عنه - في ترك قتل شارب الخمر في الرابعة، وسيأتي الكلام عليه قريبًا إن شاء الله، وهذا نسخ بالتنظير، لا بالنص، وهو مسلك غريب (١).

وبقي مسالك أخرى تركتها لضعفها، والنسخ ضعيف، لكني ذكرته لأن الحافظ أشار إليه، وأقوى هذه المسالك هو الأول، وهو نقد الحديث رواية ودراية، وهو الذي تقتضيه أصول الصناعة الحديثية وقواعد الشريعة الكلية (٢).

° الوجه الثالث: اتفق العلماء ومنهم الصحابة - رضي الله عنهم - والأئمة الأربعة رحمهم الله على أن السارق إذا سرق ثانيًا قطعت رجله اليسرى بعد اليد اليمنى، وقد حكى الاتفاق ابن عبد البر (٣)، والموفق ابن قدامة (٤)، وغيرهما، قال الحافظ: (ثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم - قطع الرِّجْلِ بعد اليد، وهم يقرأون {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا. . .} (٥)، وقد روى ابن جريج، عن عطاء أنه قال: تقطع اليد اليسرى (٦)، لقوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا}، ونُقِلَ عن ربيعة وداود، واعتبره ابن قدامة قولًا شاذًّا، وأما الآية فالمراد قطع يد كل واحد من السارق والسارقة بدليل أنه لا تقطع اليدان في المرة الأولى.

ثم اختلفوا فيما وراء ذلك إذا سرق ثالثة ورابعة على قولين:


(١) "الحدود والتعزيرات" ص (٣٩٩).
(٢) المرجع السابق، "فتح الباري" (١٢/ ٩٩).
(٣) "الاستذكار" (٢٤/ ١٩٣).
(٤) "المغني" (١٢/ ٤٤٠).
(٥) "فتح الباري" (١٢/ ١٠٠).
(٦) "مصنف عبد الرزاق" (١٠/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>