للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأول: أنه لا قطع في الثالثة، بل يحبس حتى يموت، وهذا مذهب الحنفية، والمعتمد في مذهب الحنابلة، وهو قول الظاهرية (١)، واختاره الشيخ ابن باز.

واستدلوا بأقضية وردت عن الصحابة - رضي الله عنهم -، فقد روى عبد الرزاق والبيهقي أن عليًّا كان لا يقطع إلا اليد والرجل، وإن سرق بعد ذلك سجن ونُكِّلَ، وكان يقول: إني لأستحيي من الله ألا أدع له يدًا يأكل بها ويستنجي (٢).

ولأن في القطع إتلاف جنس منفعة البطش والمشي، والحدود شرعت للزجر لا للإتلاف.

والقول الثاني: أنه يقطع في الثالثة يسرى يديه، والرابعة يمنى رجليه، فإن سرق خامسة عزر بضرب أو سجن ونحوهما، وهذا مروي عن أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، وهو مذهب المالكية والشافعية، ورواية في المذهب الحنبلي (٣)، واستدلوا بما ورد في هذا الباب، وهي أحاديث لا تقوم بها حجة كما تقدم، وما روي عن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - فقد روي عنهما خلافه (٤).

وعلى هذا فالصواب هو القول الأول، وهو أنه إن سرق ثانيًا قطعت رجله اليسرى، فإن عاد فلا قطع، بل يعزر بما يراه الحاكم رادعًا له ولأمثاله.

وقد اشتهر عن أبي مصعب الزهري المدني صاحب الإمام مالك القول بأن السارق يقتل في الخامسة بعد الإتيان على أطرافه (٥)، وهذا قول ضعيف لا يعول عليه. والله تعالى أعلم.


(١) "المحلى" (١١/ ٣٥٧)، "شرح فتح القدير" (٤/ ٢٤٨)، "المغني" (١٢/ ٤٤٦).
(٢) "فتح الباري" (١٢/ ١٠٠). قال الحافظ: (سنده صحيح).
(٣) "المهذب" (٢/ ٢٨٤)، "حاشية الدسوقي" (٤/ ٣٣٣)، "المغني" (١٢/ ٤٤٦).
(٤) انظر: "فقه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - " (١/ ٢٩٩)، "مكافحة جريمة السرقة في الإسلام" ص (١٧٤).
(٥) "الاستذكار" (٢٤/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>