للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزبير - رضي الله عنه - وعطاء، واختاره بن قدامة. وذلك كان يكون من وجدت منه الرائحة معروفًا بالإدمان، أو يشهد شاهدان على شخص أحدهما بالشرب والآخر بالرائحة أو القيء، أو يوجد جماعة من الفساق على شراب، بعضهم سكر، وبعضهم تنبعث منه الرائحة، ونحو ذلك.

أما قصة الوليد فلا دليل فيها؛ لأن الظاهر أن عثمان - رضي الله عنه - لم يجلد الوليد بمجرد القيء، وإنما شهد عليه حمران بن أبان أنه شرب، وشهد آخر أنه تقيأها، فانضمت شهادة التقيؤ إلى شهادة الشرب، مع أن الوليد قد شرب وشرب، كما ذكر ذلك الحافظ في ترجمته.

وأما قصة ابن مسعود مع الرجل فالجواب عنها من وجهين:

الأول: أنها ليست نصًّا في أن موجب الحد وجود الرائحة مجردة، بل يحتمل أن الرجل اعترف بالشرب بلا عذر، ومع الاحتمال لا يتم الاستدلال (١)، لا سيما مع وجود المعارض، ويؤيد هذا قوله له: (أتشرب الخمر؟) فإنه حكم عليه بالشرب، ثم إن معارضته لابن مسعود - رضي الله عنه - مع قوله له: (أحسنت) مشعر بأن الرجل فيه مبادئ سكر؛ إذ كيف يعارضه أولًا ثم يقول له: (أحسنت)؟!

الثاني: أن هذا مجرد رأي لابن مسعود - رضي الله عنه - والرأي يخطئ ويصيب، ثم إن عليًّا - رضي الله عنه - قد خالف ابن مسعود، كما ذكر الحافظ (٢)، بناءً على رواية عند الإسماعيلي إثر هذا الحديث.

والملاحظ أن البخاري مع دقته في تراجمه لم يخرج هذا الحديث في كتاب "الحدود" وإنما أخرجه في "فضائل القرآن" ولم يترجم واقعة الخمر منه في كتاب "الحدود" كعادته في تقطيع الحديث على أبواب العلم مراعاة لما فيها من أحكام، وكذا مسلم ذكر الحديث ضمن أحاديث "فضائل القرآن"، ولم يذكره في "الحدود" مع أنها أولى به؛ لأنه أخرج حديث إقامة الحد بالقيء، فكان المناسب أن يذكر بعده حديث إقامة الحد بالرائحة. والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (٥/ ٣٣٦)، "فتح الباري" (٩/ ٥٠).
(٢) "فتح الباري" (٩/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>