للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد رد أصحاب القول الأول على أصحاب القول الثاني قولهم: إن القتل منسوخ؛ بأن أحاديث النسخ ليست صريحة، وبعضها لا يقوى على معارضة الأحاديث التي فيها الأمر بالقتل.

فحديث ابن مسعود - رضي الله عنه - حديث عام، وأحاديث قتل الشارب أحاديث خاصة، ثم إنه ليس هناك دليل على تأخر حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - حتى يقال بالنسخ، ومعرفة التاريخ شرط في العمل بالنسخ.

وأما حديث قبيصة فأجيب عنه بما يلي:

١ - أنه مرسل؛ لأن قبيصة ولد يوم الفتح.

٢ - أنه لو كان متصلًا لكانت أحاديث الأمر بالقتل مقدمة عليه؛ لأنها أصح وأكثر.

٣ - أن هذا فعل، والقول مقدم عليه؛ لأن القول تشريع، والفعل قد يكون خاصًّا، إذ قد يكون ترك قتله لعذر.

لكن يؤيد النسخ ما ورد في قصة ابن النعيمان وهو عبد الله بن حمار - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جلده في الشراب، فأُتي به يومًا فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تلعنوه، فوالله ما علمت؛ إنه يحب الله ورسوله" (١). قال الحافظ ابن حجر: (وفيه ما يدل على نسخ الأمر الوارد بقتل شارب الخمر إذا تكرر منه إلى الرابعة أو الخامسة) (٢).

وأما دعوى الإجماع على ترك القتل فقد وافق ابن القيم ابن حزم على نقضها؛ لأن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو يقولان بقتله، وأضاف ابن القيم أنه قول بعض السلف (٣)، ومثل هذا لا يكفي، فإن قول عبد الله بن عمرو بن العاص جاء من طريق منقطع لا تقوم به حجة؛ لأنه من رواية الحسن


(١) رواه البخاري (٦٧٨٠).
(٢) "فتح الباري" (١٢/ ٧٨).
(٣) "تهذيب مختصر السنن" (٦/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>