للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكرهم، وهم الزاني والقاتل والمرتد، والشارب ليس واحدًا منهم، فيبقى حكم دمه على الأصل وهو العصمة، ويكون هذا الحديث ناسخًا لحديث القتل.

كما استدلوا بما تقدم من حديث قبيصة بن ذؤيب في أن القتل قد رفع، قال النووي: (هذا الذي قاله الترمذي في حديث شارب الخمر هو كما قاله، فهو حديث منسوخ، دلَّ الإجماع على نسخه) (١).

والمقصود أن الجمهور لا يرون القتل، ويقولون إن حديث الباب إما منسوخ بحديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أو حديث قبيصة، وإما أن الإجماع منعقد على خلافه كما قال الترمذي، وكذا قال الشافعي: (لا نعلم أحدًا من أهل الفتيا يخالف في أن من أقيم عليه حد في شيء أربع مرات ثم أُتي به خامسة أو سادسة أقيم ذلك الحد عليه ولم يقتل، وفي هذا دليل على أن ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إن كان ثابتًا فهو منسوخ) (٢)، وقال ابن المنذر: (وأجمعوا على أن السكران في المرة الرابعة لا يجب عليه القتل، إلا من لم يُعَدَّ خلافه خلافًا) (٣).

والقول الثالث: أنه يجوز قتله في الرابعة تعزيرًا لا حدًّا إذا رأى الإمام ذلك، وبه قال شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم (٤)، ووجهة نظرهم الجمع بين الأدلة، فقد ورد أدلة مفادها القتل في المرة الرابعة، وهي قد وردت من طرق متعددة بأسانيد قوية، كما يقول الحافظ ابن حجز (٥)، كما جاءت أحاديث وآثار مفادها عدم القتل، كما تقدم في حديث قبيصة بن ذؤيب، وهذا القول هو الراجح؛ لأن الجمع بين الأدلة وإعمالها أولى من إعمال بعضها وإهمال الآخر.


(١) "شرح صحيح مسلم" (١١/ ٢٢٨).
(٢) "اختلاف الحديث" (٩/ ١٩٩).
(٣) "الإجماع" ص (١٤٦).
(٤) "الفتاوى" (٧/ ٤٨٣) (٢١/ ٩) (٢٨/ ٣٤٧)، (٣٤/ ٢١٧)، "مختصر تهذيب السنن" (٦/ ٢٣٧).
(٥) "فتح الباري" (١٢/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>