للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عند مسلم (سقاه الخادم أو أمر به فَصُبَّ) والمعنى: أنه إن بدا في طعمه بعض تغير ولم يشتد سقاه الخادم، وإن اشتد أمر به فأهريق، فتكون (أو) للتنويع حسب حال النبيذ (١)، وأما القول بجواز شربه إذا اشتد، بدليل سقيه الخادم فهو مردود، إذ لا دليل على أنه بلغ حد الإسكار، وإنما بدا فيه بعض التغير؛ لأن المسكر لا يجوز سقيه الخادم كما لا يجوز شربه.

قوله: (فإن فَضَلَ) بفتح الضاد من باب (قتل) بمعنى بقي، وفي لغة بكسر الضاد من باب (تعب).

* الوجه الثالث: في الحديث دليل على جواز شرب النبيذ وهو الماء يلقى فيه التمر أو الزبيب ليحلو به الماء وتذهب ملوحته، بشرط ألا يصل إلى درجة الإسكار وإلا حرم. قال ابن القيم: (وهو يدخل في الغذاء والشراب، وله نفع عظيم في زيادة القوة وحفظ الصحة … ) (٢).

وقد حدد فقهاء الحنابلة جواز شرب النبيذ ما لم يغل أو يمر عليه ثلاثة أيام، فإذا مضى عليه ثلاثة أيام حرم شربه، وصار بحكم الخمر (٣)، مستدلين بهذا الحديث؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يشربه يومه والغد وبعد الغد، فإذا كان مساء اليوم الثالث شربه، فإن بقي منه شيء سقاه الخادم؛ ولأن الحكم يثبت بغلبة الظن، والنبيذ بعد ثلاث مظنة التغير.

والقول الثاني: أنه لا يحرم شرب العصير ما لم يغلِ ولو زاد على ثلاثة أيام، وهذا قول الجمهور، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها أبو الخطاب (٤)، وحمل كلام الإمام أحمد على عصير يتخمر في ثلاث غالبًا، لحديث بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اشربوا في كل وعاءٍ غير أن لا تشربوا مسكرًا" (٥)؛ ولأن علة تحريمه الشدة المطربة، وهذا في المسكر خاصة، وهذا القول فيه


(١) "شرح النووي على صحيح مسلم" (١٣/ ١٨٥).
(٢) "زاد المعاد" (٤/ ٢٣٧).
(٣) "الإنصاف" (١٠/ ٢٣٥).
(٤) "الهداية" (٢/ ١٠٨)، "الشرح الكبير مع الإنصاف" (٢٦/ ٤٣٥).
(٥) أخرجه مسلم (٣/ ١٥٨٤ - ١٥٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>