للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذكر الدارقطني هذا الاختلاف في "العلل" (٦/ ٢٠٢) ورجح رواية الليث ومن تابعه في عدم ذكر لفظة (أباه)، وفي "التتبع" رجح رواية عمرو بن الحارث بزيادة هذه اللفظة، فقال: (وقول عمرو صحيح) (١).

وقد ذكر الحافظ أن هذا الاختلاف لا يقدح في صحة الحديث، فيحتمل أن عبد الرحمن سمع أبا بردة لما حدث به أباه، وثبته فيه أبوه، فحدث به تارة بواسطة أبيه، وتارة بغير واسطة (٢).

* الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:

قوله: (لا يجلد) روي بفتح الياء مبنيًّا للمعلوم، وبضمها مبنيًّا لما لم يسم فاعله؛ أي: لا يجلد أحد، وروي مجزومًا على النهي، ومرفوعًا على النفي، وهو أبلغ من النهي، ويؤيد الأول رواية عند البخاري: "لا تجلدوا" (٣).

قوله: (فوق عشرة أسواط) في رواية البخاري: "فوق عشر ضربات"، وفي رواية: "فوق عشر جلدات". والسوط: ما يضرب به من جلد، سواء أكان مظفورًا أم لم يكن (٤).

قوله: (إلا في حد من حدود الله) اختلف في معناه على قولين:

الأول: أن المراد بحدود الله: محارمه من ترك واجب أو فعل محرم، وهذا تفسير ابن تيمية، ونسبه لطائفة من أهل العلم، وبه قال ابن القيم، وقالوا: إن الحديث في التأديب للمصالح كتأديب الأب ابنه، والمعلم صبيه، والمعنى: لا يجلد أحد أكثر من عشرة أسواط إلا أن يكون الجلد في محارم الله تعالى، وإطلاق الحد على محارم الله وارد في القرآن، قال تعالى في الواجباب: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: ٢٢٩]، وقال تعالى في المحرمات: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: ١٨٧].


(١) "التتبع" ص (٢٢٦)، وانظر: "علل ابن أبي حاتم" (١٣٥٦).
(٢) "فتح الباري" (١/ ١٧٧).
(٣) "صحيح البخاري" (٦٨٥٠).
(٤) "اللسان" (٧/ ٣٢٥) مادة: سوط، "المعجم الوسيط" ص (٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>