للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أن المراد بحدود الله تعالى ما ورد عن الشارع فيه حد مقدر بعدد مخصوص، كحد الزنا والقذف وغيرهما، أخذًا بظاهر اللفظ، واستدل هذا القائل بأنه ورد إطلاق الحدود على العقوبات المقدرة، كقول عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -: (أخف الحدود ثمانون).

* الوجه الرابع: ظاهر الحديث دليل على أنه لا يزاد في التعزير على عشرة أسواط؛ لأن الحديث ورد بصيغة القصر التي طريقها النفي والاستثناء، وهذا من أبلغ طرق القصر، وقد أخذ بهذا الحديث بعض أهل العلم بناءً على التفسير الثاني، كما تقدم.

* الوجه الخامس: ليس لأقل التعزير حد مقدر، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم، ذكر ذلك ابن القيم، ولم يذكر فيه خلافًا (١). فقد يكتفى فيه بالضربة وباللوم والتوبيخ ونحو ذلك، كالهجر وترك السلام عليه؛ لأنه لو تقدر لكان حدًّا، والتقدير لا يكون إلا بنص من الشارع، يجب المصير إليه، ولا نص على أقل التعزير، فيكون مفوضًا إلى رأي الحاكم حسب المصلحة، لكن خالف في هذا القُدُوري من الحنفية (٢)، فقدر أدنى التعزير بثلاث جلدات؛ لأن ما دونها لا يقع به الزجر (٣).

وأما أكثر التعزير ففيه أربعة أقوال:

القول الأول: أنه لا حد لأكثر التعزير، بل هو مفوض إلى رأي ولي الأمر بحسب ما يراه رادعًا وزاجرًا، هذا هو المعتمد في مذهب مالك، والوجه المقدم في مذهب الشافعي، واختاره أبو يوسف من الحنفية، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي، والشيخ عبد العزيز بن باز (٤).


(١) "الطرق الحكمية" ص (٢٧٢).
(٢) المتوفى سنة (٤٢٨ هـ).
(٣) "شرح فتح القدير" (٥/ ١١٦).
(٤) "جواهر الإكليل" (٢/ ٢٩٦)، "نهاية المحتاج" (٨/ ٢٢)، "شرح فتح القدير" (٥/ ١١٥)، "السياسة الشرعية" ص (١٠٧)، "إعلام الموقعين" (٢/ ٢٩، ١٠٩)، "المختارات الجلية" ص (١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>