للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا القول مؤيد بأمور ثلاثة:

١ - أن هذا القول يتمشى مع ظاهر الحديث، ولا يحتاج معه إلى تأويل ولا إلى مخالفة ظاهره، أو ادعاء أن الإجماع منعقد على خلافه.

٢ - أن هذا مؤيد بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعمل الخلفاء من بعده، كما يقول ابن تيمية ومن بعده ابن القيم، فقد شرع تعزير الشارب المدمن للخمر بالقتل في المرة الرابعة كما تقدم، وعزم - صلى الله عليه وسلم - على تحريق البيوت على المتخلفين عن حضور الجماعة، وعزر بتضعيف الغرم على السارق لما لا قطع فيه كما تقدم، وجلد عمر - رضي الله عنه - في الخمر ثمانين، إلى غير ذلك.

٣ - أن هذا القول مناسب لنوعية الجريمة واختلاف الأشخاص والأزمان، فإن التعزير يختلف باختلاف هذه الأمور.

والقول الثاني: أنه لا يبلغ بالتعزير في معصية قدر الحد المقدر بها، فلا يبلغ بالتعزير على النظرة والخلوة والمباشرة حد الزنا، ولا على السرقة من غير حرز حد القطع، ولا على الشتم بدون القذف حد القذف، وهذا قول طائفة من أصحاب الشافعي، ورواية عن أحمد، حكاها ابن هبيرة وابن قدامة، واستحسن هذا القول ابن القيم في "الطرق الحكمية" وخالفه في موضع آخر منه (١)، وفي بقية كتبه، كما تقدم.

واستدلوا بحديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه - في الرجل الذي رُفع إليه وقد وقع على جارية امرأته، فقال: لأقضين فيك بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إن كانت أحلَّتها لك (٢) جلدتُك مائة جلدة، وإن لم تكن أحلتها لك رجمتك بالحجارة، فوجدوه قد أحلتها له، فجلده مائة (٣).


(١) "نهاية المحتاج" (٨/ ٢٢)، "الإفصاح" (٢/ ٤١٢)، "المغني" (١٢/ ٥٢٤)، "الطرق الحكمية" ص (١١٨).
(٢) انظر: "تحفة الأحوذي" (٥/ ١٣).
(٣) رواه أبو داود (٤٤٥٨)، والترمذي (١٤٥١)، والنسائي (٦/ ١٢٤)، وابن ماجه (٢٥٥١)، وأحمد (٣٠/ ٣٤٦) من طريق قتادة، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير، وهذا سند ضعيف، قتادة لم يسمع هذا الحديث من حبيب بن سالم، ثم إن فيه =

<<  <  ج: ص:  >  >>