للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الخامس: أن الجهاد يكون باللسان وذلك بالدعوة إلى الله تعالى وبيان حقيقة هذا الدين، والذب عنه، والدعوة إليه، وذم الكفار وما هم عليه، وإقامة الحجة على ضلالهم وبطلان أعمالهم، ولا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه المواقع وتعددت القنوات التي تبث الشبه ضد الإِسلام وأهله، والواجب على من قدر على منازلة هؤلاء أن يبادر، وأن يجاهدهم، خصوصًا وأن المتمكنين من هذا النوع من الجهاد قلائل.

يقول شيخ الإِسلام ابن تيمية: (فمعلوم أن الجهاد منه ما يكون بالقتال باليد، ومنه ما يكون بالحجة والبيان والدعوة. قال الله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (٥١) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (٥٢)} [الفرقان: ٥١، ٥٢] فأمر الله سبحانه وتعالى أن يجاهد الكفار بالقرآن جهادًا كبيرًا، وهذه السورة مكية نزلت بمكة قبل أن يهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقبل أن يؤمر بالقتال، ولم يؤذن له، وإنما كان هذا الجهاد بالعلم والقلب والبيان والدعوة لا بالقتال) (١).

ويقول ابن القيم: (إن الدعوة إلى الله ورسوله جهاد بالقلب وباللسان، وقد يكون أفضل من الجهاد باليد) (٢).

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: (ومن أعظم الجهاد سلوك طريق التعلم والتعليم، فإن الاشتغال بذلك لمن صحَّت نيته لا يوازيه عمل من الأعمال، لما فيه من إحياء العلم والدين، وإرشاد الجاهلين، والدعوة إلى الخير، والنهي عن الشر، والخير الكثير الذي لا يستغني العباد عنه) (٣). والله تعالى أعلم.


(١) "منهاج السنة" (٨/ ٨٦).
(٢) "أحكام أهل الذمة" (٢/ ٧٢٩).
(٣) "الفتاوى السعدية" ص (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>