للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فرنسا فيها أقليات مسلمة وفيها إقامة للصلاة من قبل هؤلاء، ولكن لا تعتبر مظهرًا من مظاهر البلد بحيث تنتشر المآذن ويُسمع الأذان هنا وهناك ويهرع الناس إلى المساجد، فهذا هو معنى قولنا: إن بلد الإِسلام هو الذي تنتشر فيه الشعائر والأحكام بوجه عام، أما لو كان عن طريق أفراد أو أناس قليلين فهذا لا يطلق عليه أنه بلد إسلامي بهذا الاعتبار (١).

قوله: (بعد الفتح) أي: فتح مكة، فلا هجرة بعد فتحها؛ لأنها صارت بلد إسلام، أو المراد ما هو أعم من ذلك، إشارة إلى أن حكم غير مكة في ذلك حكمها، فلا تجب الهجرة من بلد قد فتحه المسلمون (٢).

قوله: (ولكن جهاد ونية) أي: ولكن الباقي جهاد ونية، والمعنى أن الهجرة التي هي مفارقة الوطن التي كانت مطلوبة على الأعيان إلى المدينة قد انقطعت، إلا أن المفارقة بسبب الجهاد باقية، وكذلك المفارقة بسبب نية صالحة كالفرار من دار الكفر، والخروج في طلب العلم، والفرار بالدين من الفتن، والنية في جميع ذلك معتبرة.

قوله: (وإذا استنفرتم) بضم التاء؛ أي: طلب منكم الخروج في الجهاد من الإِمام أو نائبه في ذلك.

قوله: (فانفِروا) بكسر الفاء على الأفصح، وبه جاء القرآن، قال تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: ٤١] ويجوز ضمها؛ أي: اخرجوا.

° الوجه الثالث: في الحديث دليل على انتفاء الهجرة من مكة بعد فتحها؛ لأنها صارت بلاد إسلام، ويقاس عليها كل بلدِ كفرٍ صار بلد إسلام، وهذا فيه إشارة إلى أن مكة لن تعود بلد كفر تجب الهجرة منه.

° الوجه الرابع: في الحديث دليل على أن الجهاد بأن لإعلاء كلمة الله


(١) انظر: "الفتاوى" (١٨/ ٢٨٢)، "أحكام أهل الذمة" (١/ ٣٦٦)، "الفتاوى السعدية" ص (٩٢)، "الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة" ص (٣٣٠)، "فقه الأقليات المسلمة" ص (٤٩).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>