للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رسوله للكفار، وذلك خشية عدم الوفاء بذلك، فإنَّ نَقْضَ عهد الخلق أهون من نقض عبد الله تعالى؛ لأنه قد ينقض الذمة من لا يعرف حقها، وينتهك حرمتها بعض من لا تمييز له من الجيش.

وقوله: (أن تخفروا) بفتح الهمزة على اعتبارها مصدرية، ولا يصح كسرها على أنها شرطية إذ لا جواب لها، و (أهون) مرفوع على أنه خبر (إنَّ) و (أَنْ) وما دخلت عليه في تأويل مصدر بدل اشتمال من اسم (إن) والتقدير: فإنكم إخفاركم ذممكم.

وتُخفِروا: بضم التاء وكسر الفاء من أخفر الرباعي؛ بمعنى: تنقضوا، تقول العرب: أخفرت الرجل: نقضت عهده، وخَفَرْتُهُ أَخْفِرُهُ من باب ضرب: غدرت به.

قوله: (وإن أرادوك أن تنزلهم على حكم الله) أي: وإن طلبوك أن تتفق معهم على أن يكون الحكم بينكما هو حكم الله تعالى.

قوله: (بل علي حكمك) أي: بل أنزلهم على حكمك واجتهادك أيها الأمير، ولم يذكر هنا حكم أصحابه؛ لأن الحكم في الجيش والسرية مختص بالأمير، بخلاف الذمة والعهد فهي من الجميع؛ لأنه لا يحل لأحد من الجيش أن ينقض العهد.

قوله: (فإنك لا تدري) تعليل للنهي، والمعنى: لا تنزلهم على حكم الله؛ خشية ألا تصيب حكم الله تعالى، فتنسب إلى الله تعالى ما هو خطأ، ولا سيما إذا كانت المسألة من المسائل الاجتهادية.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعتني بأمرائه وقواد جيشه فيوصيهم بتقوى الله تعالى، ويوجههم إلى ما ينبغي فعله واتباعه من الأحكام والآداب، ويحذرهم مما ينبغي تركه من المعاصي المتعلقة بالقتال حتى يكونوا على بينة وبصيرة من أمرهم، وهكذا ينبغي لولاة الأمور إذا أَمَّروا الأمراء أو أرسلوا الجيوش أن يوجهوهم إلى الخير ويوصوهم بتقوى الله تعالى والاستقامة على أمره، والإحسان إلى الرعية (فبهذين الأصلين: تقوى الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>