للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المذهب عند الحنابلة، وهو قول الشافعية، وابن حزم (١). واستدلوا بآية التوبة: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، فقوله: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} بيان للذين في قوله: {الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}.

كما استدلوا بحديث عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ الجزية من مجوس هجر. وسيأتي هذا الحديث -إن شاء الله- في باب "الجزية".

ويشهد له حديث عمرو بن عوف الأنصاري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها (٢). ولا تؤخذ من غيرهم، فإما الإِسلام أو القتال؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أمرت أن أقاتل الناس … " (٣)، فدل على وجوب مقاتلة جميع الناس، وخص منهم أهل الكتاب بنص القرآن، والمجوس بالسنة، ويبقى سائر الكفار على عموم الحديث.

والقول الأول هو الراجح؛ لقوة دليله، وهو حديث بريدة - رضي الله عنه - فإنه حديث عام، وهو متأخر عن آية الجزية ورودًا؛ لأنه يفهم منه أن الجزية قد شرعت لقوله: (فإن هم أبوا فاسألهم الجزية)، والآية في سورة التوبة، وهي نزلت عام تبوك في السنة التاسعة من الهجرة، وقد فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من قتال العرب، ولم يبق في الجزيرة أحد من عُبّاد الأوثان، فلما نزلت آية الجزية أخذها ممن بقي على كفره، كالنصارى والمجوس، وعلى هذا فاية الجزية لا مفهوم لها؛ بدليل هذا المنطوق، وهو حديث بريدة، ثم إن آية الجزية لم تتعرض لأخذها من غير أهل الكتاب ولا لعدم أخذها، والحديث بَيَّنَ أخذها من غيرهم، وقبول الجزية من جميع الكفار هو سلوك الصحابة - رضي الله عنهم - والفاتحين


(١) "المحلى" (٧/ ٣٤٥)، "مغني المحتاج" (٤ /)، "الإنصاف" (٤/ ٢١٧).
(٢) رواه البخاري (٣١٥٨)، ومسلم (٢٩٦١).
(٣) رواه البخاري (٢٥)، ومسلم (٢٢) (٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>