للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالمشرك في قتال المشركين، وهذا قول مالك وأحمد، كما استدلوا بحديث خبيب بن إساف الأنصاري قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد غزوًا أنا ورجل من قومي، ولم نسلم، فقلنا: إنا نستحيي أن يشهد قومنا مشهدًا لا نشهده معهم، قال: "أو أسلمتما؟ " قلنا: لا، قال: "فلا نستعين بالمشركين على المشركين" … الحديث (١). ولأن المشركين لا يؤمن أن يخامروا وأن يكونوا مع أصحابهم وأن يكونوا جاءوا للأذى والخيانة.

وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى جواز الاستعانة بالكفار، واستدلوا بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - استعان بناس من اليهود في حربه فاسهم لهم (٢). وبما ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعان بصفوان بن أمية في حنين، وبحديث ذي مِخْبَر (٣) رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم يقول: "ستصالحون الروم صلحًا آمنًا، فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم فتُنصرون، وتَغْنمون، وتَسلمُون … " (٤).

ووجه الدلالة: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخبر باشتراك المسلمين مع الروم في القتال ضد العدو، ولم يذمهم على ذلك، فدل على الجواز.

وذهب الإِمام الشافعي، وأحمد في رواية عنه اختارها كثير من فقهاء الحنابلة (٥)، إلى جواز الاستعانة بالكفار إذا كان الكافر ممن يوثق به وهو حسن الرأي ودعت الحاجة إلى الاستعانة به، كان يكون في المسلمين قلة، وهو اختيار الشيخ عبد العزيز بن باز، وهيئة كبار العلماء (٦).


(١) أخرجه أحمد (٢٥/ ٤٢ - ٤٣)، وابن أبي شيبة (١٢/ ٣٩٤)، والحاكم (٢/ ١٢١) وصححه، وسكت عنه الذهبي، وسنده ضعيف، إلا قوله: (فلا نستعين … ) فهو صحيح لغيره، يشهد له حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) رواه عبد الرزاق (٩٣٢٩)، وابن أبي شيبة (١٢/ ٣٩٥)، وأبو داود في "المراسيل" ص (٢٧٠) من طريق الزهريّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعان … ومراسيل الزهريّ ضعيفة.
(٣) يقال: بالباء ويقال: بالميم.
(٤) رواه أبو داود (٤٢٩٢).
(٥) "المغني" (١٣/ ٩٨).
(٦) "الفتاوى" (١٨/ ٢٥٩) (١٨/ ٢٢٤، ٢٣٩)، "مجلة البحوث" (٢٩/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>