للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستدلوا بعموم قوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيكُمْ إلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيهِ} [الأنعام: ١١٩]، كما استدلوا بالأحاديث الدالة على الجواز، وحملوها على الحاجة أو الضرورة، وحملوا أحاديث المنع على عدم ذلك، وقال الإِمام الشافعي عن حديث الباب: (لعل النبي - صلى الله عليه وسلم - رده رجاءَ إسلامه، وذلك واسع للإمام أن يرد المشرك فيمنعه الغزو، ويأذن له) (١). وقد أيَّد هذا القول ابن القيم، فقال -وهو يتحدث عن فوائد صلح الحديبية-: (الاستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد جائزة عند الحاجة؛ لأن عينه - صلى الله عليه وسلم - بُديلَ بن ورقاء الخزاعي كان كافرًا إذ ذاك، وفيه من المصلحة أنه أقرب إلى اختلاطه بالعدو وأخذه أخبارهم) (٢).

وإذا حصلت الاستعانة بهم فإنه يُرضخ لهم، ولا يُسهم لهم؛ لأنه لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسهم لهم (٣).

وإذا قيل بالجواز فيجب أن يُشترط على القوات التي استعين بها الخروج من بلاد المسلمين فور نهاية الظروف التي أدت إلى الاستعانة بهم، لئلا يكون ذلك سُلمًا لبقائهم في بلاد المسلمين، ومعلوم ما يترتب على هذا من المفاسد، والله المستعان.


(١) "الأم" (٥/ ٣٨٢).
(٢) "زاد المعاد" (٣/ ٣٠١). وانظر: قصة بديل بن ورقاء في "تاريخ الطبري" (٢/ ٦٢٥).
(٣) انظر: "جامع الترمذي" (٣/ ٢١٧)، "الاعتبار" للحازمي ص (٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>