للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصححه ابن حبان، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)، وسكت عنه الذهبي، وأسلم بن يزيد أبو عمران التجيبي لم يخرج له الشيخان شيئًا، وهو ثقة.

° الوجه الثاني: الحديث دليل على أنه لا بأس أن يحمل المؤمن الشجاع القوي على العدو لمقاصد حسنة من تشجيع المسلمين وإرهاب المشركين؛ ليحدث فيهم رجة نفسية واضطرابًا، أو ثغرة ينفذ منها المسلمون إلى قلب العدو، وهذا يسمى الانغماس في العدو، وقد ذكر شيخ الإِسلام ابن تيمية أنواعه، ثم قال: (فهذا كله جائز عنذ عامة علماء الإِسلام من أصل المذاهب الأربعة وغيرهم، وليس في ذلك إلا خلاف شاذ) (١). وهذا ضرب من الحماسة والشجاعة المندفعة التي يكتب الله بها للمتحمس الشهادة إذا ما قُتل، إذا خلصت نيته واستقام القصد، ومثل هذا لا يوسف بأنه قد ألقى بنفسه إلى التهلكة، بناءً على ما قاله أبو أيوب - رضي الله عنه -؛ فإنه بين أن المراد بالإلقاء إلى التهلكة هو الإقامة في المال والأهل وترك الجهاد، وليس منه حمل الرجل الشجاع على العدو، فهذا ليس من التهلكة، وهو مروي عن ابن عباس وعمر وغيرهما -رضي الله عنهما-، فقد روى ابن جرير بسند صحيح عن مدرك بن عوف قال: إني لَعِنْدَ عمر فقلت: إني لي جارًا رمى بنفسه في الحرب، فقتل، فقال ناس: ألقى بيده إلى التهلكة، فقال عمر: كذبوا، لكنه اشترى الآخرة بالدنيا (٢).

وروى -أيضًا- عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: ليس التهلكة أن يُقتل الرجل في سبيل الله، ولكن الإمساك عن النفقة في سبيل الله (٣).

وقد روى هذا ابن جرير بسنده عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - (٤)،


(١) "جامع المسائل" (٥/ ٣١١ - ٣١٢).
(٢) "تفسير الطبري" (٤/ ٢٤٩)، "فتح الباري" (٨/ ١٨٥).
(٣) "تفسير الطبري" (٣/ ٥٨٤).
(٤) "تفسير ابن جرير" (٣/ ٥٨٨) قال الحافظ: "سنده صحيح"، "فتح الباري" (٨/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>