للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية مبينًا فساد الاستدلال بالآية على أن المراد حمل الرجل الشجاع على العدو (تأويل الآية على هذا غلط، ولهذا ما زال الصحابة والأئمة ينكرون على من يتاول الآية على ذلك .. ثم ذكر ما تقدم عن عمر وأبي أيوب - رضي الله عنهما -) (١).

وهذا قول الجمهور، قال ابن كثير: (والأحاديث والآثار في هذا كثيرة، تدل على جواز المبارزة لمن عرف من نفسه بلاءً في الحرب وشدة وسطوة) (٢). أما إن كان إقدامه مجرد تهور فهذا ممنوع، ولا سيما إذا ترتب على ذلك وهن المسلمين وضعفهم (٣).

* الوجه الثالث: اختلف العلماء في تفسير هذه الآية: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} على أقوال كثيرة:

فالقول الأول: أن معناها: لا تتركوا النفقة في سبيل الله تعالى، بدلالة السياق: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، وهذا قول حذيفة وابن عباس - رضي الله عنهما - وعكرمة وقتادة وآخرين، فقد روى البخاري بسنده عن سليمان قال: سمعت أبا وائل، عن حذيفة: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} قال: نزلت في النفقة (٤). والمراد: ترك النفقة في سبيل الله.

والقول الثاني: أن معناها لا تتركوا الجهاد في سبيل الله، وذلك بأن تقيموا في أموالكم وأهليكم، وتدعوا الجهاد، وهذا تفسير أبي أيوب - رضي الله عنه -، كما تقدم، وقد نصر شيخ الإسلام ابن تيمية هذا القول في رسالة مستقلة.

وقد رجح الحافظ المعنى الأول لتصدير الآية بذكر النفقة، قال: (فهو المعتمد في نزولها) (٥).

وذهب آخرون، ومنهم الشوكاني إلى أن ما ورد في حديث أبي أيوب هو فرد من أفراد ما تصدق عليه الآية؛ لأنها تتضمن النهي عن كل ما يصدق عليه


(١) "جامع المسائل" (٥/ ٣٢٤).
(٢) "إرشاد الفقيه" (٢/ ٣١١).
(٣) "فتح الباري" (٨/ ١٨٥ - ١٨٦).
(٤) "صحيح البخاري" (٤٥١٦).
(٥) "فتح الباري" (٨/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>