للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنه من باب الإلقاء بالنفس إلى التهلكة، والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهذا إنما يتم على رأي من يقول يحمل المشترك على جميع معانيه، وهي مسألة خلافية (١).

والذي يظهر -والله أعلم- أن سبب نزول الآية هو ما ذكره أبو أيوب - رضي الله عنه - من كونهم همُّوا بالإقامة على الأموال وإصلاحها، وترك الجهاد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن أبا أيوب قال: (إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار … ) فأخبر بسبب نزول الآية، ولم يتكلم فيها برأيه، وهذا من ثابت روايته عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو حجة يجب اتباعها (٢)، ولأنه بعد نزولها لم يزل أبو أيوب - رضي الله عنه - شاخصًا يجاهد في سبيل الله حتى قُبض، ولو لم يفهم هذا من معنى الآية لم يبق في تلك البقاع حتى الموت (٣)، ثم إن الله تعالى قال في أول الآية: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، وفي آخرها قال: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} فدلَّ ذلك على ما رواه أبو أيوب - رضي الله عنه - من أن إمساك المال والبخل عن إنفاقه في سبيل الله والاشتغال به هو التهلكة (٤). والله تعالى أعلم.


(١) "نيل الأوطار" (٧/ ٢٤٠).
(٢) انظر: "جامع المسائل" (٥/ ٣٢٧).
(٣) انظر: "المحرر في أسباب نزول القرآن" (١/ ٢٤٦).
(٤) انظر: "مجموع الرسائل" (٥/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>