قوله:(فتحرجوا) أي: ظنوا أن في وطئهن إثمًا وحرجًا؛ لكونهن متزوجات، فاجتنبوا وطأهن.
قوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}[النساء: ٢٤] أي: ذوات الأزواج، يقال: امرأة محصنة؛ أي: متزوجة، والإحصان له عدة معان، وهو بالرفع عطفًا على {أُمَّهَاتُكُمْ} في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء: ٢٣] أي: وحرمت عليكم المحصناتُ.
وقوله تعالى:{إلا مَا مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ}[النساء: ٢٤] أي: إلا ما ملكتم بالسبي من أرض الحرب فهن حلال لكم ولو كنَّ ذوات أزواج، كما تقدم.
* الوجه الثالث: في الحديث دليل على أن أزواج الكفار إذا سباهن المسلمون وأزواجهن في دار الحرب فإنهن حلال للمسلمين، وينفسخ نكاحها من زوجها الكافر بمجرد سبيها، وهذا قول الجمهور من أهل العلم، قال القرطبي عن حديث الباب:(هذا نص صحيح صريح في أن الآية نزلت لسبب تحرج أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن وطء المسبيات ذوات الأزواج، فأنزل الله في جوابهم:{إلا مَا مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ} (١).
لكن لا يجوز وطؤها إلا بعد استبرائها، كما تقدم في آخر "العدة"، إما بوضع الحمل إن كانت حاملًا أو بحيضة واحدة.
* الوجه الرابع: ظاهر الحديث يدل على جواز وطء المسبية ولو قبل إسلامها، سواء أكانت كتابية أم وثنية، والآية المتقدمة عامة، وسبايا أوطاس كن وثنيات، ولم يرد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرض على سبايا أوطاس الإِسلام، ولا أخبر أصحابه بأنه لا توطأ مسبية حتى تسلم، ولو كان هذا شرطًا لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن هذا هو وقت البيان ولا سيما وفي المسلمين يوم حنين وغيره مَنْ هو حديث عهد بالإِسلام يخفى عليهم مثل هذا الحكم، وتجويز حصول الإِسلام من جميع السبايا وهن في غاية الكثرة بعيد جدًّا.