وأما رواية ابن ماجه (٢٦٨٥) وكذا أبي داود (٢٧٥١)، وأحمد (١١/ ٢٨٨) فهي من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم … " الحديث. وهذا السياق لأبي داود، ولفظ ابن ماجه:"ويجير على المسلمين أدناهم، ويرد على المسلمين أقصاهم" ونحوه لأحمد، وهذا سند حسن.
وأما حديث أم هانئ - رضي الله عنها - فقد رواه البخاري في كتاب "الجزية والموادعة"، باب (أمان النساء وجوارهن)(٣١٧١)، ومسلم (١/ ٤٩٨) رقم (٨٢) من طريق أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، أن أبا مرة -مولى أم هانئ ابنة أبي طالب- أخبره أنه سمع أم هانئ ابنة أبي طالب - رضي الله عنها - تقول: ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح … وذكرت الحديث إلى أن قالت: فقلت: يا رسول الله زعم ابن أمي عليٌّ أنه قاتلٌ رجلًا قد أجرته، فلان ابن هبيرة (١)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ … ".
ولعل الحافظ جمع بين هذه الأحاديث لتعدد ألفاظها، فإن كل حديث أفاد ما لم يفده اللفظ الآخر.
* الوجه الثالث: في شرح ألفاظها:
قوله:(يجير) بضم الياء مضارع أجار، من الإجارة: وهي إعطاء الأمان، ويقال: استجاره: طلب منه أن يحفظه فأجاره.
قوله:(على المسلمين)"على" تفيد الوجوب والنفوذ؛ أي: ينفذ عليهم أمان الواحد منهم، فيجب عليه مراعاته وعدم نقضه.