للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ذمة؛ لأنه يذم متعاطيها على إضاعتها؛ والمعنى: أمان المسلمين وعهدهم واحد، فلا يجوز لأحد نقض ما عاهد عليه بعضهم أي بعض كان.

قوله: (يسعى بها أدناهم) أي: يتولاها أدناهم وأقلهم منزلة فتتحقق وتثبت.

قوله: (أقصاهم) أي: أبعدهم دارًا، فإذا أَمَّنَ من هو في غاية البعد عن المعركة شخصًا كافرًا وجب على المسلمين حفظ أمانه ورعايته ولا يحل لهم نقضه، وفسِّر قوله: (وَيرُدُّ على المسلمين أقصاهم) بأن السرية إذا غنمت بقوة الجيش كانت الغنيمة لهم وللقاصي من الجيش؛ إذ بقوته غنموها، وأن ما صار في بيت المال من الفيء فهو لقاصيهم ودانيهم وإن كان سبب أخذه دانيهم (١).

قوله: (قد أجرنا من أَجَرْتِ) بكسر التاء خطاب لأم هانئ - رضي الله عنها - حين أخبرته أنها أجارت رجلًا فلم يجز إجارتها أخوها علي - رضي الله عنه - وأراد قتله، كما تقدم. والمعنى: أجزنا جوارك وأمضيناه ونفذناه فأمنَّا من أمَّنْتِ.

* الوجه الرابع: في هذه الأحاديث دليل على صحة أمان الكافر إذا صدر من مسلم أي مسلم كان ذكرًا أم أنثى حرًّا أم عبدًا، لقوله: "أدناهم" فإنه شامل لكل وضيع، ويؤخذ منه صحة أمان الشريف بالأولى.

فإذا قال المسلم لكافر: أجرتك، أو أمنتك، أو أنت آمن ونحو ذلك، ثبت حكم الأمان والتزم به جميع المسلمين، فيحرم قتل هذا الكافر، ويحرم ماله والتعرض له.

وهذا مذهب جمهور العلماء، وخالف أبو حنيفة في أمان العبد فلم يجزه إلا أن يكون مأذونًا له في القتال؛ لأنه لا يجب عليه الجهاد فلا يصح أمانه كالصبي (٢)، والصواب قول الجمهور؛ لدخول العبد في عموم لفظ: "المسلمين".


(١) انظر: "زاد المعاد" (٥/ ٩٠).
(٢) "المغني" (١٣/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>