للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإذا نهي المسلم عن ابتداء اليهود والنصارى بالسلام وهم أهل كتاب، فغيرهم من المشركين كالهندوس والبوذيين أولى.

ومما يؤسف عليه أن من المسلمين من لم يُقِمْ لهذا النهي وما اشتمل عليه من الحكم والأسرار أي اعتبار، فتراه لا يفرق بين مسلم وكافر في التحية، فيسلم على الكافر كما يسلم على المسلم، ويظن ذلك من المحامد والآداب المطلوبة، وسبب هذا كثرة وفود الكفار إلى ديار المسلمين واختلاطهم بهم وكثرة سفر المسلمين إلى ديارهم مما أذهب الغيرة وأضعف واجب البراءة والعداوة للكافرين في قلوب كثير من الناس.

* الوجه الثالث: مفهوم النهي عن ابتدائهم بالسلام أنه لا نَهْيَ عن رد السلام عليهم، وقد ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليك، فقل: وعليك" (١). وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم" (٢). وقد نقل النووي اتفاق العلماء على مشروعية الرد على أهل الكتاب إذا سلموا، لكن لا يقال: وعليكم السلام، بل يقال: عليكم أو وعليكم.

وإذا كان للمسلم حاجة عند أحد من أهل الكتاب أو غيرهم من الكفار فلا بأس أن يبتدئهم بنحو قوله: السلام على من اتبع الهدى، أما ابتداؤهم بنحو: كيف أصبحت أو كيف أمسيت، أو كيف حالك؟ أو غير ذلك من ألفاظ التحية سوى تحية الإسلام فقد كرهه الإمام أحمد، وقال: هذا عندي أكثر من السلام (٣).


= ماجه (٨٥٦) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها -. وسنده صحيح.
(١) رواه البخاري (٦٢٥٧)، ومسلم (٢١٦٤).
(٢) رواه البخاري (٦٢٥٨)، ومسلم (٢١٦٣).
(٣) انظر: "المغني" (١٣/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>