للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكلامه ومراجعته للنبي - صلى الله عليه وسلم - ثابت في "الصحيحين" وغيرهما، قال الشافعي: (كان سهيل محمود الإسلام من حين أسلم)، مات سنة ثماني عشرة - رضي الله عنه - (١).

* الوجه الرابع: في الحديث دليل على جواز عقد الهدنة بين المسلمين والمشركين مدة مقدرة معلومة لمصلحة يراها الإمام، واشترط كون المدة معلومة؛ لأنها لو أطلقت ولم تقدر اقتضى ذلك التأبيد، وهذا يفضي إلى ترك الجهاد.

ومذهب الإمام أحمد والشافعي أن المدة لا تجوز بأكثر من عشر سنين؛ لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢)، لكن تحديد المدة تفرد به ابن إسحاق عن بقية أصحاب الزهري.

والقول الثاني: أنه يجوز عقد الهدنة أكثر من عشر سنين، لكن تحدد المدة لما تقدم، وهذا رواية عن أحمد، وهو قول أبي حنيفة (٣).

والقول الثالث: أنه يجوز عقد الهدنة مطلقًا بدون تحديد مدة، لكنه عقد جائز يعمل فيه الإمام بالمصلحة، فإن رأى القوة فله نبذ العهد، وهذا اختيار ابن تيمية (٤).

* الوجه الخامس: في الحديث دليل على أن الذي يعقد الهدنة هو الإمام أو نائبه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - هو الذي صالح قريشًا، أما غير الإمام أو نائبه فلا يصح منه العقد؛ لأن هذا أمر يتعلق بنظر واجتهاد ومصلحة للمسلمين، وليس غير الإمام ونائبه محلًّا لذلك لعدم ولايته عليهم.

* الوجه السادس: في الحديث دليل على وجوب المحافظة على نصوص المعاهدة التي تعقد بين المسلمين والمشركين، ولو اشتملت على شروط فيها غضاضة على المسلمين فلا بأس، إذا كانت المصلحة تقتضي ذلك، فإن صلح الحديبية قد اشتمل على بعض الشروط التي فيها شيء من الذل على المسلمين، ومن ذلك اشتراط المشركين أثناء كتابة الصلح ألا يكتب محمد


(١) "الاستيعاب" (٤/ ٢٨٧)، "الإصابة" (٤/ ٢٨٧).
(٢) "المهذب" (٢/ ٣٣٣)، "المغني" (١٣/ ١٥٥).
(٣) "الهداية" (٢/ ١٣٨)، "المغني" (١٣/ ١٥٥).
(٤) "الاختيارات" ص (٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>