للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الرابع: اعلم أن المسابقات والمغالبات بالنسبة إلى أخذ العوض ثلاثة أقسام:

١ - قسم يجوز بلا عوض ولا يجوز بعوض، وهذا هو الأصل، وهو الأغلب، ويدخل في هذا المسابقة على الأقدام والمصارعة وحمل الأثقال، فهذا يحرم أكل المال فيه حتى لا يتخذ عادة وصناعة ومتجرًا، وأبيح بدون مال لما فيه من إجمام للنفس وترويح لها، وتقوية للبدن.

٢ - لا يجوز مطلقًا لا بعوض ولا بغير عوض، ويدخل في ذلك كل مسابقة فيها مفسدة راجحة على المنفعة، كالنَّرْد، والشطرنج (١)، وكل مغالبة ألهت عن واجب، أو أدخلت في محرم، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الاتفاق على تحريم ذلك (٢).

٣ - يجوز مطلقًا بعوض وبلا عوض، وهو ما فيه مصلحة راجحة، كالرمي، والسباق بالخيل، والإبل؛ لما تقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر" (٣).

أما المسابقة في المسائل العلمية وحفظ المتون وغيرها، فلا تخلو:

(أ) إما أن تكون من باب الجعالة، فهذه جائزة، وذلك مثل أن يقول: من بحث هذه المسألة أو حفظ كذا فله كذا.

(ب) وإما أن تكون من باب الرهان، فهذه موضع خلاف بين العلماء، فالجمهور على المنع للحصر المستفاد من الحديث المتقدم، وعند أصحاب أبي حنيفة تجوز، لقيام الدين بالجهاد والعلم، وهو وجه عند الحنابلة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والشيخ عبد الرحمن السعدي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وظاهر ذلك جواز الرهان في العلم، وفاقًا


(١) انظر: "المعجم الوسيط" (١/ ٤٠٤، ٤٨٢)، (٢/ ٩١٢).
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" (٣٢/ ٢١٦، ٢٢٧)، "الفروسية" ص (٨٣).
(٣) انظر: "الإرشاد إلى معرفة الأحكام" لابن سعدي ص (١٤٩)، "الشرح الممتع" (١٠/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>