للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ضب، وأَجْبَنُ من ضب، وأَعَقُّ من ضب، وأَحْيا من ضب (١).

قوله: (على مائدة) المائدة: هي الطعام نفسه، وهي مشقة من الميد وهو العطاء، يقال: ماده ميدًا أعطاه، أو من الميد وهو التحرك، يقال: ماد يميد إذا تحرك، فهي على هذا اسم فاعل من الثلاثي، وقيل: المائدة هي الخِوَان -بالكسر والتخفيف- وهي سفرة الأكل، قال الفارسي: لا تسمى مائدة حتى يكون عليها طعام وإلا فهي خِوان (٢).

° الوجه الثالث: الحديث دليل على إباحة أكل لحم الضب، وهذا قول الشافعية والحنابلة (٣)؛ لأن الضب أكل على مائدة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو لم يكن حلالًا ما أُكل على مائدته، وقد أقر خالد بن الوليد على أكله كما في بعض الروايات: (قال خالد: فاجتررته فأكلته والنبي - صلى الله عليه وسلم - ينظر إليَّ). وكونه - صلى الله عليه وسلم - تركه لا يدل على تحريمه، وإنما تركه؛ لأنه لم يعتد أكله، كما في حديث خالد بن الوليد: (ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه) (٤).

والقول الثاني: تحريم أكل لحم الضب، وهذا مذهب الحنفية كما نص عليه الكاساني بعد أن ساق الأدلة في النهي عنه (٥)، وذكر "صاحب الهداية" منهم القول بالكراهة (٦)، والظاهر ما قاله الحافظ من أن أكثرهم قال بالكراهة (٧)، وجنح بعضهم إلى التحريم، والطحاوي خالف الحنفية حيث ساق الأحاديث الدالة على إباحته، ثم قال: (فثبت بتصحيح هذه الآثار أنه لا بأس بأكل الضب، وهو القول عندنا) (٨). قال النووي: (أجمع المسلمون على أن الضب حلال ليس بمكروه إلا ما حكي عن أصحاب أبي حنيفة من كراهته، وإلا ما حكاه القاضي عياض عن قوم أنهم قالوا: هو حرام، وما أظنه يصح


(١) "حياة الحيوان الكبرى" (٢/ ٧٧).
(٢) "اللسان" (٣/ ٤١١)، "المصباح المنير" ص (٢٧٨).
(٣) "المهذب" (١/ ٣٣٠)، "المغني" (١٣/ ٣٤٠).
(٤) رواه البخاري (٥٥٣٧)، ومسلم (١٩٤٦).
(٥) "بدائع الصنائع" (٥/ ٣٦).
(٦) "الهداية" (٤/ ٦٨).
(٧) "فتح الباري" (٩/ ٦٦٧).
(٨) "شرح معاني الآثار" (٤/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>