للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الصحة، فمتى أكل الإنسان ما تعافه نفسه ولا يشتهيه كان تضرره به أكثر من انتفاعه) (١).

٢ - وأما حديث عبد الرحمن بن حسنة الدال على أن الضب من جملة الممسوخ، والممسوخ محرم، فيجاب عنه بأن هذا محمول على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خشي أن يكون الضب مما مسخ قبل أن يعلمه الله تعالى أن الممسوخ لا يُنْسِلُ، وقد ثبت في "صحيح مسلم" من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرت عنده القردة والخنازير مما مسخ فقال: "إن الله لم يجعل لمسخ نَسْلًا ولا عَقِبًا، وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك" (٢).

والمعنى: أنها كانت قبل مسخ بني إسرائيل، فدل على أنها ليست مما مسخ، إذ الممسوخ لا يكون له نسل، وعلى هذا فتحمل أحاديث النهي على أول الحال عند تجويز أن تكون الضباب مما مسخ، وحينئذٍ أمر بإكفاء القدور، ثم توقف فلم يأمر به ولم ينه عنه، وحمل الإذن فيه على ثاني الحال، لما علم أن الممسوخ لا نسل له، وبعد ذلك كان يستقذره فلا يأكله ولا يحرمه، وأكل على مائدته بإذنه فدل على الإباحة (٣).

وأما قولهم: إنه من هوام الأرض، فهذا لا يقتضي تحريمه ما دام أنه ثبت الدليل بحله، وقولهم: من الخبائث غير صحيح بل هو من الطيبات؛ لأنه طاهر يأكل الأعشاب (٤). والله تعالى أعلم.


(١) "زاد المعاد" (٤/ ٢١٧).
(٢) "صحيح مسلم" (٢٦٦٣) (٣٢).
(٣) "فتح الباري" (٩/ ٦٦٦).
(٤) "الأطعمة" (٦٩ - ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>