للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الثالث: أن الضب من الحشرات وهوام الأرض وأنه من الخبائث، والله قد حرم الخبائث.

والراجح القول الأول، وهو أن الضب يباح أكله؛ لأن الأحاديث الدالة على حله صحيحة صريحة، وإذا لم يحرمه النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو حلال؛ لأن الأصل في الأطعمة الحل.

وأما أدلة القائلين بتحريمه فيجاب عنها بما يلي:

١ - أما حديث عبد الرحمن بن شبل فقد ضعفه الأئمة، وعلى القول بصحته فإن النهي وإن كان أصله التحريم لكنه معارض بما هو أصح منه، وهو حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلوا؛ فإنه حلال، ولكنه ليس من طعامي" (١). فيكون النهي محمولًا على الكراهة أو في حق من يتقذره، كما قال الطبري (٢)؛ لأن النفس إذا كرهت الشيء فإنه لا ينبغي إكراهها عليه؛ لأنها لا تستمريه ولا تنتفع به، بل يضرها، يقول ابن القيم: (وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا عافت نفسه الطعام لم يأكله، ولم يُحَمْلِّهَا إياه على كره، وهذا أصل عظيم في حفظ


= ورواه أبو داود (٣٧٩٥)، والنسائي (٧/ ١٩٩)، وابن ماجه (٣٢٣٨)، وأحمد (٢٩/ ٤٥١) من طريق حصين، عن زيد بن وهب، عن ثابت بن يزيد بن وداعة الأنصاري - رضي الله عنه - به.
ورواه أحمد (٢٩/ ٤٤٩)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٩٨) وفي "شرح مشكل الآثار" (٨/ ٣٣١) من طريق عدي بن ثابت، عن زيد بن وهب، يحدث عن ثابت بن وديعة - رضي الله عنه -.
ورواه النسائي (٧/ ٢٠٠)، وأحمد (٢٩/ ٤٥٢) عن الحكم، عن زيد بن وهب، عن البراء بن عازب - رضي الله عنه -، عن ثابت بن وداعة - رضي الله عنه - به.
فخالف هؤلاء الثلاثة (حصين السلمي، وعدي بن ثابت، والحكم بن عتيبة). خالفوا الأعمش، قال البخاري: (لم يعرف أن أحدًا روى هذا غير الأعمش)، وقال: (حديث ثابت أصح، وفي نفس الحديث نظر)، ولعل هذا إشارة من البخاري إلى مخالفة هذا الحديث للأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما في إباحة لحم الضب، والله أعلم. انظر: "التاريخ الكبير" (٢/ ١٧١)، "العلل الكبير" (٢/ ٧٥٣).
(١) رواه مسلم (١٩٤٤).
(٢) "تهذيب الآثار" "مسند عمر - رضي الله عنه -" (١/ ١٠٦ - ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>