للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشافعية (١)؛ لأن الحديث ظاهر في الحصر، وما جاء بصيغة الحصر لا يخرج منه شيء إلا بنص صحيح يجب الرجوع إليه من كتاب أو سنة؛ ولأن اقتناء الكلاب في البيوت يؤذي المارة ويؤذي الجيران بخلاف الصحراء.

والقول الثاني: جواز اقتناء الكلاب لحراسة المنازل؛ قياسًا على الأمور الثلاثة المأذون فيها، وهذا القول ذكره الموفق ابن قدامة احتمالًا، وهو أصح الوجهين عند الشافعية (٢)، وهو رأي ابن عبد البر، فإنه قال: (وفي معنى هذا الحديث تدخل عندي إباحة اقتناء الكلاب للمنافع كلها ودفع المضار إذا احتاج الإنسان إلى ذلك، إلا أنه مكروه اقتناؤها في غير الوجوه المذكورة في هذه الأحاديث) (٣)، واختار هذا الشيخ محمد بن عثيمين، وظاهر كلامه وكلام غيره من أهل العلم أن إباحتها لحراسة المنازل مقيد بما كان بعيدًا عن العمران (٤).

والقول الأول هو الراجح لما تقدم، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أُعطي جوامع الكلم، ولو كان المراد مطلق الحراسة لأتى بلفظ شامل، ولم يخص الزرع والماشية، فلما خصهما دل على انتفاء الحكم عما عداهما؛ ولأن البيوت يمكن حفظها بالأبواب والأغلاق، والقول بالجواز يفضي إلى تساهل الناس في اتخاذ الكلاب كما حصل من بعض المتشبهين بالكفار في زماننا هذا، لكن ما كان بعيدًا عن العمران فالقول بالجواز فيه لا يخلو من وجاهة، والله المستعان.

وأما استعمال الكلاب في المصالح العامة للمسلمين مثل الكشف عن أماكن المخدرات فقد يقال بجوازه إذا غلبت الاستفادة منها؛ لشبهها بكلب


(١) انظر: "إكمال المعلم" (٥/ ٢٤٦)، "المنتقى" (٧/ ٢٨٩)، "المغني" (٦/ ٣٥٦)، شرح الزركشي (٣/ ٦٧٣)، "الإعلام" (١٠/ ١٥٨ - ١٥٩)، "الإنصاف" (٧/ ٢٥٣).
(٢) "إكمال المعلم" (٥/ ٢٤٦)، "المغني" (٦/ ٣٥٧)، "الإعلام" (١٠/ ١٥٨).
(٣) "التمهيد" (١٤/ ٢١٩).
(٤) انظر: "التمهيد" (١٤/ ٢٢٠)، مذكرة شرح كتاب "الأطعمة والصيد" من "البلوغ" للشيخ محمد بن عثيمين ص (٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>