المعلم) وهذا من باب حمل المطلق على المقيد، وسيأتي ضابط المعلم.
قوله:(فاذكر اسم الله) هذا أمر يراد به الوجوب، وظاهره أن التسمية بعد الإرسال، وليس مرادًا، وإنما المراد التسمية عند الإرسال.
قوله:(فإن أمسك عليك) أي: صاد لك ولم يَصِدْ لنفسه.
قوله:(وإن رميت سهمك) هذا فيه إشارة إلى آلة الصيد الثانية، وهو المحدد، وهو ما ينهر الدم بحده كالسهم، والسهم: بفتح أوله وسكون ثانيه، عود يُسَوَّى في طرفه نصل ترميه القوس (١). ويدخل في ذلك البنادق الهوائية؛ فإنها محدد تصيب الصيد بحدها وقوة نفوذها، بل هي أشد نفوذًا من السهم.
• الوجه الرابع: في الحديث دليل على إباحة الاصطياد بالكلاب المعلمة، وهذا الوصف مأخوذ من الرواية الأخرى، كما تقدم.
والمعلم على ما ذكره الفقهاء: هو ما ينبعث بالإغراء، وينزجر بالانزجار ابتداءً لا بعد عدوه، ولا يأكل من الصيد، ودليل التعليم قوله تعالى:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ}[المائدة: ٤،]، والأخير مختلف فيه كما سيأتي.
والحق أنه يرجع في التعليم إلى العرف؛ لأن الله قال:{وَمَا عَلَّمْتُمْ} فما عده الناس معلمًا عارفًا بآداب الصيد فهو المعلم، وصيده حلال، وما لا فلا؛ لأن الشارع أطلق التعليم، فيرجع فيه إلى العرف، والله أعلم.
• الوجه الخامس: في الحديث دليل على جواز اقتناء الكلب المعلم للصيد؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رتب عليه أحكامًا، ولو لم يجز اقتناؤه ما رتب عليه ذلك، وهذا مجمع عليه، كما تقدم في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
• الوجه السادس: اسْتُدِلَّ بعموم قوله: (كلبك) على أنه لا فرق في إباحة الصيد بين الكلب الأسود وغيره، وهذا مذهب الجمهور، ومنهم الأئمة الثلاثة.
وقال أحمد وإسحاق وبعض السلف: لا يحل الصيد بالكلب الأسود
(١) راجع: "الحرف والصناعات في الحجاز في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم -" ص (٢١٣).