للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (أما السن فعظم) هذه الجملة فيها معنى التعليل؛ أي: نُهي عن التذكية بالسن؛ لأنه عظم، وقد تقرر عند العرب ألا يُذبح بعظم (١).

قوله: (فمدى الحبشة) بضم الميم اسم مقصور، وهو جمع مفرده مدية، وهي السكين، سميت مدية؛ لأنها تقطع مدى الحيوان؛ أي: عمره وحياته.

والحبشة والحَبَشُ جنس من السودان (٢)، وبلادهم تقع في الشمال الشرقي من أفريقيا، وتسمى الآن أثيوبيا، والحبشة كفار آنذاك، وقد نهينا عن التشبه بهم.

والمعنى: أنهم كانوا يذبحون بأظفارهم.

• الوجه الثالث: في الحديث دليل على أنه يشترط لحل الحيوان بالذكاة إنهار الدم وإسالته، وذلك بأن تكون الذكاة بمحدد يقطع أو يخرق بحده لا بثقله، كما تقدم، فإن كان الحيوان مقدورًا عليه فلا بد أن يكون الإنهار في موضع معين، وهو الرقبة، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (الذكاة في الحلق واللبة) (٣).

واللبة: هي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر.

وإن كان غير مقدور عليه كبعير ندَّ أو شاة شردت، فذكاته بجرحه وإنهار الدم في أي موضع من بدنه حتى يموت؛ لأنه صار حكمه حكم الوحشي النافر، والأولى أن يتحرى أسرع شيء في موته، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (ما أعجزك من البهائم مما في يديك فهو كالصيد) (٤).

ومفهوم الحديث أنه لا يحل الذبح بما لا ينهر الدم، وهو ما يقتل بثقله أو صدمه، ومن ذلك الذبح بالخنق أو الصعق بالكهرباء، أو بضرب الرأس، أو تغطيس الطيور بالماء، وفتل أعناقها، ونحو ذلك، فكل هذا ليس بذكاة شرعية؛ لعدم إنهار الدم المشروط في الحديث.


(١) انظر: "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (٢/ ١٨٤).
(٢) انظر: "فتح الباري" (٧/ ١٩٠).
(٣) ذكره البخاري تعليقًا (٩/ ٦٤٠) "فتح الباري".
(٤) ذكره البخاري تعليقًا (٩/ ٦٣٨) "فتح الباري".

<<  <  ج: ص:  >  >>