للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والذبح بما لا ينهر الدم مضر بالصحة؛ لأن الحيوان بالتدويخ والصعق يصاب قبل زهاق روحه بالشلل واحتقان الدم في اللحم والعروق حيث لا يجد منفذًا، وهذا مضر بصحة الإنسان، ولذا حرم الإسلام الميتة لبقاء دمها فيها، وفي هذا الحديث تنبيه على هذا المعنى (١).

• الوجه الرابع: اختلف العلماء فيما يُقطع في الذكاة على قولين:

الأول: وجوب قطع الحلقوم والمريء والحلقوم: مجرى النفس، والمريء: مجرى الطعام والشراب، واشتراط قطعهما هو الصحيح المنصوص عليه في مذهب الشافعية، وهو مذهب الحنابلة (٢)، وذلك لحصول المقصود بقطعهما، وهو أن الحياة تُفقد بفقدهما، وعليه فلا يشترط قطع الودجين -وهما عرقان محيطان بالحلقوم- بل قطعهما سنة.

والقول الثاني: أنه لا بد من قطع ثلاثة بدون تعيين، وهي إما الحلقوم والودجان، وإما المريء والودجان، وإما الحلقوم والمريء وأحد الودجين، وهذا هو المشهور من مذهب أبي حنيفة، وأحد الوجهين في مذهب أحمد (٣)، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: (إن قطع الودجين أبلغ من قطع الحلقوم وأبلغ في إنهار الدم) (٤)، وهذا هو الأظهر -إن شاء الله- لأن قطع الودجين فيه إنهار الدم وإراحة الذبيحة بسرعة زهوق النفس، وهذا هو المقصود من الذكاة.

• الوجه الخامس: في الحديث دليل على منع التذكية بالسن والظفر، ويبقى ما عداهما مما ينهر الدم على العموم، فتجوز التذكية به؛ لأن الاستثناء معيار العموم، كلما يقول الأصوليون.

وظاهر الحديث أنه لا فرق في السن والظفر بين أن يكونا متصلين أو منفصلين، ومن آدمي أو حيوان، وهذا مذهب الجمهور.


(١) "الإعلام" (١٠/ ١٧٣).
(٢) "المجموع" (٩/ ٨٦)، "الشرح الكبير مع الإنصاف" (٢٧/ ٣٠٠).
(٣) "بدائع الصنائع" (٥/ ٤١)، "الإنصاف (١٠/ ٣٩٣).
(٤) "الاختيارات" ص (٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>