للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخص الحنفية المنع بالسن والظفر المتصلين، قائلين إن المتصل يصير في معنى الخنق، والمنفصل في معنى الحجر، وجزم ابن دقيق العيد بحمل الحديث على المتصلين (١).

وظاهر الحديث يرد عليهم، فإن الذي لا تجوز الذكاة به متصلًا لا تجوز به منفصلًا، فيعمل بمقتضى ذلك العموم إلا إذا خُصِّصَ، ولا مخصص، وما عللوا به مخالف للتعليل الوارد في الحديث فلا يلتفت إليه.

• الوجه السادس: علل النبي - صلى الله عليه وسلم - منع الذكاة بالسن بأنه عظم، وقد اختلف العلماء هل الحكم خاص في محله وهو السن أو عام في جميع العظام، على قولين:

الأول: أنه خاص في محله وهو السن، وأما ما عداه من العظام فتحل الذكاة به، وهذا قول أبي حنيفة، والمشهور من مذهب أحمد (٢).

واستدلوا بأمرين:

١ - أن قوله: (أما السن فعظم) مشعر بخصوص السن، إذ لو أراد العموم لقال: غير العظم والظفر، لكونه أخصر وأبين.

٢ - أننا لا نعلم وجه الحكمة في تأثير العظم، فكيف نعدي الحكم من الأصل إلى غيره مع الجهل.

القول الثاني: أن المنع عام في جميع العظام، لقوله: (أما السن فعظم) فهي علة منصوصة لا مستنبطة، وهذا قول الشافعي، ورواية عن أحمد (٣).

وهذا القول هو الراجح، لقوة دلالة الحديث عليه، فإن قوله: (أما السن فعظم) نص على العلة فيدل على أنها مناط الحكم، متى وجدت وجد الحكم، فهو قياس حذفت مقدمته الثانية لشهرتها عندهم، والتقدير: أما السن فعظم، وكل عظم لا يحل الذبح به، قال ابن القيم: (وهذا تنبيه على عدم


(١) "إحكام الأحكام" (٤/ ٤٧٩).
(٢) "المقنع" (٣/ ٥٣٧).
(٣) "المجموع" (٩/ ٨١)، "المقنع" (٣/ ٥٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>