للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولعل الحديث يقوي للاحتجاج به بما له من الطرق عن أبي سعيد، وما يشهد له من أحاديث أخرى، ومنها حديث جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ذكاة الجنين ذكاة أمه" رواه أبو داود (٢٨٢٨)، وله طرق فيها ضعف.

قال الحافظ: (والحق أن في أسانيدها ما تنتهض به الحجة، وهو مجموع طرق حديث أبي سعيد وطرق حديث جابر … ) (١).

* الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (ذكاة الجنين ذكاة أمه) جملة خبرية، جعل الخبر فيها هو المبتدأ، مثل: غذاء الجنين غذاء أمه، والأصل: ذكاة الجنين هي ذكاة أمه، فحذف المبتدأ الثاني إيجازًا لفهم المعنى، وهو علي قلب المبتدأ والخبر، والتقدير: ذكاة أم الجنين ذكاة له، بمعني أنه لا يحتاج إلي ذكاة مستقلة، بل تكفي ذكاة أمه، فلما قُدِّمَ حول الضمير ظاهرًا لوقوعه أول الكلام، وحول الظاهر ضميرًا اختصارًا (٢).

* الوجه الثالث: في الحديث دليل علي أن الجنين إذا خرج من بطن أمه ميتًا بعد ذكاتها أنه حلال، وأن ذكاة أمه كافية عن ذكاته، وهذا مذهب جمهور العلماء من الشافعية والحنابلة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية، ولا فرق عندهم بين أن يكون الجنين قد أشعر أم لم يشعر (٣).

وذهبت المالكية إلي أن ذكاة الجنين ذكاة أمه إذا تم خلقه ونبت شعره؛ لأن التذكية لا تؤثر إلا فيما وجدت فيه الحياة، والحياة لا توجد فيه إلا إذا نبت شعره وتم خلقه (٤).

والقول الثالث: أن الجنين إذا خرج ميتًا من الذكاة فإنه ميتة؛ لعموم الأدلة في تحريم الميتة، وكذا لو خرج حيًّا ثم مات، وهذا مذهب الحنفية،


(١) "التلخيص" (٦/ ٣٠٧٤). وانظر: "الإرواء" (٨/ ١٧٢).
(٢) "المصباح المنير" (٢٠٩).
(٣) "روضة الطالبين" (٣/ ٢٧٩)، "المغني" (١٣/ ٣٠٨).
(٤) "جواهر الإكليل" (١/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>