للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وابن حزم، قالوا: لأن له حياة مستقلة يتصور بقاؤها بعد موت أمه، فيجب أن يفرد بالذكاة (١).

وأجابوا عن الحديث بأنه من باب التشبيه الذي حذفت أداته، وأن معناه: ذكاة الجنين إذا خرج حيًّا كذكاة أمه، ووصف ابن حزم أدلة هذه المسألة بأنها أخبار واهية، ثم شرع في تضعيفها.

والصواب هو القول الأول؛ لقوة دلالة الحديث عليه، ويؤيده من جهة المعنى أمران:

الأول: أن الجنين متصل بامه اتصال خِلْقَؤ، فهو يتغذي بغذائها، فتكون ذكاتُه ذكاتَها كاعضائها.

الثاني: أن الذكاة في الحيوان تختلف بحسب القدرة عليه وعدم القدرة، والجنين لا يتوصل إلى ذبحه بأكثر من ذبح أمه، فيكون ذكاة له (٢)، وقد استحب الإمام أحمد أن يذبح ليخرج الدم الذي في جوفه (٣).

وأما اشتراط المالكية الإشعار فلا دليل عليه، قال ابن عبد البر: (ليس في هذا الحديث اشتراط إشعاره ولا غيره) (٤)، وقال ابن رشد: (وعموم الحديث يضعف اشتراط أصحاب مالك نبات شعره) (٥).

وأما تأويل الحنفية بأن المراد به التشبيه، فهو تأويل ضعيف لأمور ثلاثة:

١ - أن هذا التأويل إلغاء للحديث عن الإفادة؛ لأنه معلوم أن ذكاة الحي من الأنعام ذكاة واحدة من جنين وغيره.

٢ - أن الحديث جاء في بعض الروايات: "ذكاة الجنين في ذكاة أمه" (٦) و (في) للظرفية؛ أي: كائنة أو حاصلة في ذكاة أمه.


(١) "المحلى" (٧/ ٤١٩)، "بدائع الصنائع" (٥/ ٤٢ - ٤٣).
(٢) "المغني" (١٣/ ٣٠٩).
(٣) "المغني" (١٣/ ٣١٠).
(٤) "الاستذكار" (١٥/ ٢٥٦).
(٥) "بداية المجتهد" (٢/ ٤٦٣).
(٦) انظر: "نيل الأوطار" (١٥/ ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>