للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على الطلب، ولا يقبل الضمائر، وبلغتهم جاء القرآن، كما في هذه الآية، وكما في قوله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَينَا} [الأحزاب: ١٨].

قوله: (اشحَذِي المُدية) أمر من شَحَذْتُ السكين بالمِسَنِّ، أشْحَذُها: حَدَدْتُها، وتقول: سَنَنْتُ السكين بالمِسَنِّ سنًّا من باب قتل: أحددته، و (المدية) مثلثة الميم، وهي السكين.

قوله: (ثم ذبحه وقال: "بسم الله") هكذا في بعض نسخ "البلوغ" والمثبت في "صحيح مسلم": (ثم قال:) -كما تقدم- وظاهره أن التسمية وقعت بعد الذبح، وهذا غير مراد؛ لأن (ثم) ليست على بابها وهو إفادة الترتيب والتراخي، وإنما الفعل الذي بعدها مؤول، وتقديره: فأضجعه ثم شرع في ذبحه قائلًا: بسم الله، كقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)} [النحل: ٩٨] أي: فإذا أردت.

* الوجه الثالث: في الحديث دليل على استحباب الدعاء بقبول الأضحية، فيقول: (اللهم تقبل مني … ) ونحو ذلك، واستحسن بعض العلماء أن يقول نص الآية: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: ١٢٧] وهذا قول الجمهور من أهل العلم.

* الوجه الرابع: في الحديث دليل على أنه يجوز للرجل أن يضحي عن نفسه وعن أهل بيته بأضحية واحدة، فيشركهم معه في ثوابها، كما أن له أن يشرك من شاء من الأموات، وفضل الله واسع.

وهذا يدل على أن الأصل في الأضحية أنها مطلوبة في وقتها من الحي عن نفسه، وله أن يشرك في ثوابها من شاء من الأحياء والأموات، وأما ما يظنه بعض العامة أن الأضحية للأموات فقط فهذا خطأ؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا يضحون عن أنفسهم وأهليهم.

وأما الأضحية عن الميت منفردًا فمن أهل العلم من رخص فيها؛ لأنها نوع من الصدقة، والصدقة تصح عنه، كما دلت عليه النصوص، وتنفعه إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>