للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن أهل العلم من قال: إن الميت لا يُضَحَّى عنه؛ لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك شيء (١)، وقد ماتت زوجته خديجة - رضي الله عنهما - وعمه حمزة - رضي الله عنه - في حياته - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينقل أنه ضحي عن واحد منهما، وخديجة أحبُّ النساء إليه، وعمه أحب أعمامه إليه (٢).

فإن أوصى الميت بأضحية في ثلث ماله أو جعلها في غَلَّةِ وقف له، فإنه يجب على القائم على الوقف أو الوصية تنفيذ ذلك، ولا يجوز له التصدق بثمن الأضحية؛ لأنه خلاف السنة، وتغيير للوصية، وإذا كان في الوصية أو الوقف عدة ضحايا والرَّيْعُ لا يكفي إلا واحدة، فلا بأس من جمع الأضاحي


(١) ورد في هذا الباب ما أخرجه أحمد (٢/ ٢٠٥)، وأبو داود (٢٧٩٠)، والترمذي (١٤٩٥)، والحاكم (٤/ ٢٢٩ - ٢٣٠) من طريق شريك، عن أبي الحسناء، عن الحكم، عن حَنَشٍ قال: رأيت عليًّا - رضي الله عنه - يضحي بكبشين، فقلت: ما هذا؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوصاني أن أضحي عنه، فأنا أضحي عنه.
لكن هذا الحديث ضعفه العلماء لما يلي:
١ - فيه شريك، وهو ابن عبد الله القاضي، سيء الحفظ، قال في "التقريب": (صدوق يخطئ كثيرًا تغير حفظه لما ولي قضاء الكوفة).
٢ - أبو الحسناء، قال في "التقريب": (مجهول).
٣ - حنش هو أبو المعتمر الكناني الصنعاني، تكلم فيه غير واحد، قال ابن حبان: (كان كثير الوهم في الأخبار ينفرد عن علي - رضي الله عنه - بأشياء، لا تشبه حديث الثقات حتى صار ممن لا يحتج به) وقال في "التقريب": (صدوق له أوهام ويرسل).
أما الحاكم فقال: (هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وأبو الحسناء هذا هو الحسن بن الحكم النخعي)، وسكت عنه الذهبي، وتابعه على تسمية أبي الحسناء، مع أنه ذكره في "الميزان" (٤/ ٥١٥) وقال: (لا يعرف)، وأما الحسن بن الحكم هذا فمعروف، ترجم له المزي في "تهذيب الكمال" (٦/ ١٢٨) وذكر أنه روي عن جمع، وقد وثقه ابن معين والإمام أحمد، واحتج به أصحاب الكتب الستة، غير النسائي، نقد أخرج له في مسند علي - رضي الله عنه -، وعلى فرض صحة الحديث فإن عليًّا - رضي الله عنه - كان وصيًّا، كما هو ظاهر الحديث لا متبرعًا، ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، كما في "جامع المسائل" (٤/ ٢٥٥) وقولهم: إنها من باب الصدقة لا يخلو من خفاء؛ لأن الأضحية تحصل بإهراق الدم، ولا يتوقف على التصدق باللحم. انظر: تعليق الأرنؤوط ومن معه على "المسند" (١/ ٢٠٥).
(٢) انظر: "جامع الترمذي" (٣/ ١٦١)، "شرح السنة" (٤/ ٣٥٨)، "الشرح الممتع" (٧/ ٥٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>